126هذه المرّة إلىٰ (جار) في الخامس والعشرين من ذي القعدة، وكان الوقت يمضي بسرعة. وثمن البعير قد وصل إلىٰ خمسة دنانير، فذهبتُ بعجلة.
وصلت مكّة في الثامن من شهر ذي الحجة وأديتُ مناسك الحج بتأييد من الحقّ - سبحانه وتعالىٰ -.
ولمّا أنهيتُ مناسك الحج، عدتُ أدراجي إلىٰ مصر، حيث كان لي هناك بعض الكتب، ولم تكن لي نية العودة.
رحلة الحج الرابعة:
والآن، أسردُ لكم قصة رجوعي إلى البيت الحرام، في مكة - حرسها اللّٰه تعالىٰ من الآفات - من مصر.
فقد صلّيتُ في القاهرة صلاة العيد، وركبتُ السفينة انطلاقاً من مصر، حيث جرت نحو الصعيد الأعلىٰ، وذلك يوم الثلاثاء المصادف للرابع عشر من شهر ذي الحجة سنة إحدىٰ وأربعين وأربعمائة هجرية.
جدّة:
وهي مدينة كبيرة، ولها قلعةٌ حصينة علىٰ شاطئ البحر، وفيها خمسة آلاف رجل، يحدّها البحر من الشمال، وتضمّ أسواقاً جميلة. واتجاه قبلة مسجد الجمعة نحو المشرق، ولا توجد أي عمارة خارج المدينة إلّاالمسجد المعروف بمسجد رسول اللّٰه - عليه الصلاة والسلام - وبوابتا المدينة، الأولىٰ باتجاه المشرق، التي تواجه مكّة، والثانية باتجاه الغرب، وهي تقابل البحر. والمسافة من هناك إلىٰ مكّة اثنا عشر فرسخاً. وكان أمير جدّة عبداً لأمير مكّة، وكان يُلقّب بتاج المعالي بن أبي الفتوح، وكان أمير المدينة أيضاً كذلك. وقد نزلتُ عند أمير جدّة، وكان بي حفيّاً، وقد أعفاني من دفع الضريبة التي استحقت عليّ، وعند خروجي من بوابة مسلم إلىٰ مكّة كتب أمير جدة يقول: «إنّ هذا رجل عالم، فلا تأخذوا منه شيئاً» .
رحلنا عن جدّة يوم الجمعة وبعد صلاة العصر، ووصلنا إلىٰ باب مدينة