6ولذا فقد صرنا بصدد بيان حقيقة العصمة، التي اتفق المسلمون على كونها من صفات نبينا الأكرم (ص) وغيره.
ثم انتقلنا إلى دراسة عصمة أهل البيت (ع) الذين ذكرهم الله سبحانه وتعالى في كتابه وطهّرهم تطهيراً.
ولذلك فسندرس هذا الموضوع في فصلين:
الأوّل: حقيقة العصمة
إنّ حقيقة العصمة عن اقتراف المعاصي ترجع إلى أحد أمور ثلاثة على وجه مانعة الخلو، وإن كانت غيرمانعة الجمع.
1. العصمة الدرجة القصوى من التقوى
العصمة ترجع إلى التقوى، لكنّها ترجع إلى درجة أعلى منها، فما توصف به التقوى وتعرف به، تعرف وتوصف به العصمة.
لا شكّ أنّ التقوى حالة نفسانية تعصم الإنسان عن اقتراف كثير من القبائح والمعاصي، فإذا بلغت تلك الحالة إلى نهايتها تعصم الإنسان عن اقتراف جميع قبائح الأعمال، وذميم الفعال على وجه الإطلاق، بل تعصم الإنسان حتى عن التفكير في المعصية، فالمعصوم ليس خصوص مَن لا يرتكب المعاصي ويقترفها، بل هو من لا يحوم حولها بفكره.
إنّ العصمة ملكة نفسانية راسخة في النفس لها آثار خاصّة كسائر الملكات النفسانية من الشجاعة والعفّة والسخاء، فإذا كان الإنسان شجاعاً وجسوراً، وسخياً وباذلاً، وعفيفاً ونزيهاً، يطلب في حياته معالي الأُمور، ويتجنّب عن سفاسفها، فيطرد ما يخالفه من الآثار، كالخوف والجبن والبخل والإمساك، والقبح والسوء، ولا يُرى في حياته أثرٌ منها.