27إلى المدينة، وفي طريق هجرته لجأ إلى «غار ثور» في جنوب مكة، وبعد أن أمن الطلب، توجّه صوب المدينة مهاجراً؛ ليستقبله الأوس والخزرج، ويؤسّس هناك نواة الحكومة الإسلامية الجديدة.
وقد خاض (ص) في تلك الفترة من حياته الشريفة معارك ضارية مع المشركين واليهود، قدّم خلالها قافلة من الشهداء في بدر وأُحد وخيبر وحنين، كما قام (ص) بإرسال المبلّغين إلى سائر أراضي الجزيرة العربية، داعين الناس إلى التوحيد ونبذ الشرك والوثنية، وبعد أن أتمّ رسالته وأدّى مهمته على أحسن وجه، لبّى نداء ربّه في السنة الحادية عشرة من هجرته الشريفة، وقد استلم الراية التي رفعها أهل بيته وأنصاره وأصحابه، وساروا على النهج الذي سار عليه، ونشروا مفاهيم القرآن وقيمه في أرجاء المعمورة.
والآن، إذا قضينا على هذه الآثار، فقد قضينا على معالم وجوده (ص) ودلائل أصالته وحقيقته، ومهّدنا السبيل لأعداء الإسلام ليقولوا ما يريدون.
إنّ هدم آثار النبوة وآثار أهل بيت العصمة والطهارة (ع) لا يُعد إساءة إليهم وهتكاً لحرمتهم فقط، بل هو اعتداء سافر على أصالة نبوّة خاتم الأنبياء (ص) ومعالم دينه القويم. إنّ رسالة الإسلام رسالة خالدة أبدية، وسوف يبقى الإسلام ديناً للبشرية جمعاء إلى يوم القيامة، ولا بدّ للأجيال القادمة - على طول الزمن - أن تعترف بأصالتها وتؤمن بقداستها. ولأجل تحقيق هذا الهدف يجب أن نحافظ -دائماً - على آثار صاحب الرسالة المحمدية (ص) لكي نكون قد خطونا خطوة في سبيل استمرارية هذا الدين وبقائه على مدى العصور القادمة، حتّى لا يشكّك أحد في وجود نبيّ الإسلام (ص) كما شكّكوا في وجود النبي عيسي (ع) .
لقد اهتمّ المسلمون اهتماماً كبيراً بشأن آثار النبي محمد (ص) وسيرته وسلوكه، حتّى أنّهم سجّلوا دقائق أُموره وخصائص حياته ومميّزات شخصيته، وكلّ ما