34الأدلة الاجتهادية حسب الصناعة، ولكن ينبغي قبل ذلك أن نتطرّق إلى هذا الأمر الهام الذي يعمّ المسألة و غيرها من المسائل، ألا وهو شأن الحكّام في التعامل مع المسلمين فيما اختلفوا فيه من المذاهب الفقهيّة، فهل لمسلم أو حاكم من المسلمين أن يجبر غيره على السير على مذهب خاص، و انعزال مذهبه فضلاً عن أنيجب عليه ذلك؟
فالحنبلي يجبر الحنفي على العمل وفق المذهب الحنبلي، أهذا جائز، أو أن الحنبلي يجبر الإمامي على العمل على خلاف مذهبه الفقهي، فهذا سائغ فضلاً عن أن يجب؟ !
و من جملة تطبيقات المسألة ما نحن بصدد البحث عنه، أعني إجبار مسلم لايرى حرمة السفر على المرأة فيما انفردت و لميصاحبها محرم من زوج و غيره، و منعها عن الحج و هي ترى وجوبه عليها، و عدم جواز تركه لها لكونها مستطيعة حسبما تعتقده في مذهبها، سواء كانت معتقدة بمذهب الإمامية أو الشافعية أو المالكية بل و الحنبلية على بعض التقادير، فإنّ كل هؤلاء لايرون منعاً في السفر على المرأة، بمجرد كونها امرأة، إذا كانت واثقة من نفسها بالتمكّن.
فهل يجوز لبعض المسلمين منعها عن الحج، لمجرد أنّ هذا البعض ينتحل مذهباً في الفقه لايوافق هذا الرأي أو يعتقد خلافه؟ !
أليس هذا منافياً لمصداقية مذاهب المسلمين في الفقه و لزوم الاعتراف بها؟ أو لا يكون هذا تحميلاً على المسلمين خلاف ما تقتضيه الحجة عليهم؟ فمن اعتقد بمذهب و قلّد في مسائله ذلك المذهب، فقد تمت الحجّة عليه، أفلا يكون منعه من العمل على وفق مذهبه ظلماً و زوراً؟
والمجتهد و المقلّد مع إصابة الواقع مأجوران و مع الخطأ معذوران زيادة على الأجر؛ و من يدري بمطابقة عقيدته للواقع في