33
عدم اشتراط المَحْرم في حج المرأة
سماحة الشيخ محمد القايني
طرح أخيراً بعض المتصدّين في الحجاز: منع النساء من الحج في الجملة إذا انفردن و لميكن لهنّ ذومحرم يصاحبهنّ في السفر إلى المشاعر.
و هذه مسألة مطروحة في الكلمات قديماً و قد اختلف الفقهاء في الحكم فيها جوازاً و منعاً؛ والمعروف والمشهور عدم اشتراط وجوب الحج بما ذكر، بل ذهب جلّ الفقهاء عدا أحمد و بعض إلى عدم الاشتراط، بل اختلفت الرواية عن أحمد فيما ذهب إليه و قد نسب إليه وجوه و القول بالاشتراط هو أحدها.
ولنفرض أنّ مذهب بعض فقهاء المسلمين هو اشتراط وجوب الحج بوجود محرم للمرأة في سفرها، بل ليفرض أن بعضهم ذهبوا إلى حرمة السفر تكليفاً على المرأة منفردةً غير مصاحبة للمحرم.
ولكن مذهب آخرين عدم حرمة السفر بل وجوب السفر إلى الحج على المرأة إذا تمكنت من السفر وحدها؛ فهل يسوغ - مع هذا - فضلاً عن أن يجب على الحكّام إذا انتحلوا بعض المذاهب الفقهية أن يجبروا غيرهم من سائر المسلمين ممن لايعتقدوا بمذهبهم الفقهي، بل يختلفون معهم في ذلك، على السير على نهجهم، والمتابعة لهم، و السير على مذهب فقهي لايعتقدون به، بل يعتقدون عدم صحّته؛ فهب إنّ الحنابلة لايوجبون سفر الحج على المرأة المنفردة، فهل يجب على المالكي، والشافعي، وغيرهم، ممّن يرون وجوب الحج على المرأة مهما انفردت، ولميكن معها مصاحب محرم أن يعدو عن طريقته، ويعدل عن مذهبه، ويخالف فقهه، فيترك الحج الواجب في مسلكه؟
ونحن وإن كنّا في هذا المجال بصدد البحث عن مسألة حكم سفر المرأة وحدها، و وجوب الحج عليها كذلك، على أساس ما تقتضيه