136في مدونات السيرة النبوية والمدونات التاريخية، والدراسات الفقهية، يسند هذا التدوين العلمي تواتر محلي تتوارثه الأجيال اللاحقة عن الأجيال السابقة، حرصاً ألا يطويها النسيان، فللمكان إيحاءاته وإشعاعاته الإيمانية، واستذكار الذين أدّوا دوراً مهماً في نشر الإسلام.
بهذا المفهوم التربوي الراقي، البعيد عن الغلوّ والمجافاة، استحوذ هذا الموضوع على اهتمام علماء الإسلام: محدثين، وفقهاء، ومؤرخين من عصر التابعين حتى العصر الحاضر، فقاموا برصد تلك الأماكن التاريخية تحديداً، وتعييناً، وتاريخاً لما حدث عليها من إحداثات، يدعمهم النقل المتواتر بين الأجيال، بالسماع والمشاهدة، جيلاً بعد جيل، في حرص وأمانة علمية شديدة، تجلى هذا الاهتمام في الآتى:
أولاً: مدوّنات السيرة النبوية.
ثانياً: سير الصحابة رضوان الله عليهم.
ثالثاً: المصادر التاريخية العامة، والأخرى المتخصصة في التاريخ المكي.
رابعاً: كتب المناسك ومدوناتها المطولة والمختصرة، فقد أصبح ذكر هذه الأماكن موضوعاً ثابتاً، وباباً مهماً مستقلاً في معظم كتب المناسك تحت عناوين مختلفة، قلّ أن يخلو منها كتاب من تلك الكتب، بل إنّ بعض العلماء أفردها بكتابات مستقلة، ورسائل مفردة زيادة في العناية والاهتمام.
يقتصر العرض لمختارات من المدونات السابقة تفصيلاً إن شاء الله تعالى، توثيقاً صريحاً للتواتر العلمي.
واجب الأمانة العلمية والتاريخية يقضي ذكر العناوين التي يضعها المؤلفون في تقديمها وعرضها، فإنّ لكل عنوان مدلوله عند المؤلف، وسيكون من مهمة البحث تحليل تلك العناوين تحليلاً علمياً متجرداً.
الواجب العلمي يقضي إنصاف كل ذي رأي في هذا الموضوع بأدلته، وبالفهم الذي يفهمه، دون تحيز، أو افتئات، فمن ثم اقتضت الدراسة تقسيم البحث إلي الفصول الآتية. . .
أودّ أن أنبه القارئ الكريم إلى أمرين ينبغي أن يكونا في الحسبان: