13أقُولَ ما لَيْسَ لِى بِحَقٍّ إنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِى نَفْسِى وَ لا أعْلَمُ ما فِى نَفْسِكَ إنَّكَ أنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ . 1وذلك أنّ علماء النصارى يتبنّون التثليث، وينسبونه إلى عيسى بن مريم، وأنّه دعا إلى إلهين آخرين من دون الله، وهما نفسه وأمُّه.
ومن المعلوم أنّ النفي والإثبات يردان على موضوع واحد وهو ادّعاء النصارى أنّ ثمة إلهين وراء الله سبحانه، هما: المسيح وأمّه، وردّ سبحانه على تلك المزعمة بأنّ الإله واحد لا غير.
فعندئذٍ لا يمكن تفسير الإله بمعنى المعبود، إذ الكلام يتعلق بمقام الذات، وأنّه كثير أو واحد، لا بموضع المعبودية.
ونظيرها الآية التالية، قال سبحانه: يا أهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِى دِينِكُمْ وَلاتَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلاَّ الْحَقَّ إنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ ألْقاها إلى مَرْيَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إنَّمَا اللَّهُ إلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِى السَّماواتِ وَ ما فِى الأرْضِ وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً . 2وحصيلة الكلام هو أنّ الاختلاف والنزاع بين أهل التوحيد وأهل الكثرة راجع إلى وحدة ما يشار إليه بلفظ الجلالة أو تعدّده؛ وأنّه هل هو هوية بسيطة واحدة، أو هي مركبة، أو متعددة يعبّر عنها بالإله الأب، والإله الابن، والإله الروح القدس.
فحقيقة النزاع عبارة عن دراسة مسألة غامضة، وهي أنّ جوهر الذات شيء واحد أو هي أشياء؟ فمن السذاجة أن نعبّر عن واقع النزاع بوحدة المعبود وتعدّده، فإذا قيل: الإله الواحد، أو ثالث الآلهة، فلا يُراد عندئذٍ إلاّ ما يُشار إليه بلفظ الجلالة الّذي تشير إلى الذات المستجمعة لصفات الجمال والجلال، ولكن بقيد تجريده عن العلَمية.