8صاعداً، و ذلك كالمطر حيث إنّه مادام في سحاب السماء لا يكون في بحر الأرض أو نهرها، و مادام هبط إلى البرّ أو البحر لا يكون في سحابها.
مع أنّ كل شيءٍ مسبوقٌ بوجوده في خزائن الله سبحانه، و أنّ هبوطه إلى الأرض ليس بمعنى خلوّ المخزن عما اختزن فيه؛ فما أفاده سبحانه بقوله: وَإِن مِّنْ شَىْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ . 1حقّ لا ريب فيه، إلاّ أنّ بين أنحاء التنزيل فرقاً.
إنّ القرآن قد نزل من لدن عليّ حكيم، و إنّ المطر أيضاً نزل من مخزنه، و لكن بينهما تفاوتاً من البدء إلى الختم، و من كيفية الانزال و ما إلى ذلك؛ فالقرآن نزل بالتّجلي الخاص كما أفاده مولانا أميرالمؤمنين (ع) : «فتجلّى لهم سبحانه في كتابه مِن غير أن يكونوا رأوه» . 2والمطر نزل بالتّجافي فالقرآن بمثابة الحبل الممدود من الصدر إلى الساقة بلا طرحٍ و لانبذٍ، و المطر مُلْقىً و مَنْبوذٌ فأين أحدهما من الآخر؟
فالقرآن من أدلّه الذي يكون بيد الله إلى آخره الذي بأيدي الناس كلام الله حيث قال تعالى: إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِى أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِىٌّ حَكِيمٌ . 3والتفصيل موكول إلى موطنه المعدّ لبيان كيفية نزول القرآن و مَيْز نزوله عن نزول غيره.