21
1. التبرّك في الأمم السالفة
يظهر من الآيات والروايات أنّ التبرّك بآثار الأنبياء كان رسماً شائعاً عند الأُممّ السالفة، فكانوا يطلبون الخير تارة من الأسباب الطبيعية، وأخرى من الأسباب غير الطبيعية.
وبعبارة أخرى: أنّ الخير في كلا الموردين بيد الله تعالى لقوله تعالى: بِيَدِكَ الْخَيْرُ. 1ولكنّه ينزل ضمن أسباب خاصّة، تارة عادية طبيعية، وأخرى على خلاف العادة، وطالب الخير تارة يقصده من القسم الأوّل وأخرى من الثاني والسيرة جارية على هذا في أكثر الأُمم.
ذكر صاحب تاريخ الخميس في خلافة «المتقي لله» القصة التالية: في سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة أرسل ملك الروم يطلب منه - المتقي لله - منديلاً زعم أنّ المسيح مسح به وجهه، فصارت صورة وجهه فيه، وكان هذا المنديل في كنيسة الرهبان، وأرسل ملك الروم يقول: إن أرسلت هذا المنديل أطلقت لك عشرة آلاف أسير من المسلمين.
فأحضر المتقي لله الفقهاء واستفتاهم فقالوا: أرسل إليهم هذا المنديل، ففعل وأطلق الأسراء. 2وما نقله الدياربكري يكشف عن وجود التبرّك عند المسيحيّين وقد ورثوا الفكرة عن آبائهم وأجدادهم.