166وأما عن معنى أحلّ لكم صيد البحر فيقول ابن عاشور: إبقاء حلّيّته لأنّه حلال من قبل الإحرام، والخطاب في لكم للذين آمنوا، والصيد هنا بمعنى المصيد ليجري اللفظ على سنن واحدة في مواقعه في هذه الآيات، أي أحلّ لكم قتله، أي إمساكه من البحر.
ثم يواصل كلامه: والبحر يشمل الأنهار والأودية، لأنّ جميعها يسمّى بحراً في لسان العرب، وقد قال الله تعالى: وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ. . وليس العذب إلاّ الأنهار كدجلة والفرات، وصيد البحر: كلّ دوابّ الماء التي تصاد فيه، فيكون إخراجها منه سبب موتها قريباً أو بعيداً، فأمّا ما يعيش في البرّ وفي الماء فليس من صيد البحر كالضفدع والسلحفاة، ولا خلاف في هذا، أمّا الخلاف فيما يؤكل من صيد البحر وما لا يؤكل منه، عند من يرى أنّ منه ما لا يؤكل، فليس هذا موضع ذكره، لأنّ الآية ليست بمثبتة لتحليل أكل صيد البحر ولكنّها منبهة على عدم تحريمه في حال الإحرام.
محمد متولي الشعراوي في تفسيره: لقد أباح لنا سبحانه الاستمتاع بكل صيد البحر، وجاء هذا التحليل هنا بأسلوب اللف والنشر، كما في وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ لْلَّيْلَ وَلنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ . 1وكلنا يعرف أنّ الليل للراحة والنهار للتعب، والليل يسلم للنهار، والنهار يسلم لليل، إذن فالمسكن يعود إلى الليل، وابتغاء الفضل بالكد يعود