155ثم يقول في المسألة الثانية: اختلف العلماء من المخاطب بهذه الآية على قولين:
أحدهما: أنهم المُحِلّون، قاله مالك.
الثاني: أنهم المحرمون قاله ابن عباس، وتعلق بقوله تعالى: لَيَبْلُوَنَّكُمُ فإنّ تكليف الامتناع الذي يتحقق به الابتلاء هو مع الإحرام. قال ابن العربي: وهذا لا يلزم؛ فإن التكليف يتحقق في المُحِّل بما شُرط له من أمور الصيد، وما شُرع له من وصفه في كيفية الاصطياد.
ويخلص القرطبي إلى أنّ الصحيح أنّ الخطاب في الآية لجميع الناس مُحلّهم ومُحرمهم؛ لقوله تعالى: لَيَبْلُوَنَّكُمُ للَّهُ أي ليكلفنكم، والتكليف كله ابتلاء وإن تفاضل في الكثرة والقلة، وتباين في الضّعف والشدّة.
وفي المسألة الثالثة: قوله تعالى: بِشَيْءٍ مِّنَ لصَّيْدِ يريد ببعض الصيد، فمِن للتبعيض، وهو صيد البر خاصّة، ولم يعمّ الصيد كله لأن للبحر صيداً، قاله الطَّبَريّ وغيره. وأراد بالصيد المصيد، لقوله: تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ .
القرطبي في المسألة الرابعة: قوله تعالى: تَنَالُهُ أيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ بيان لحكم صغار الصيد وكباره؛ وقرأ بن وثّاب والنَّخَعيّ: «يناله» بالياء منقوطة من تحت. قال مجاهد: الأيدي تنال الفِراخ والبيض وما لا يستطيع أن يفِر، والرّماح تنال كبار الصيد؛ وقال بن وهب قال مالك: وكل شيء يناله الإنسان بيده أو برمحه أو بشيء من سلاحه فقتله فهو صيد، كما قال الله تعالى.