48وقد يجمع المسلمين، مكان واحد، وزمان واحد، لأداء الشعيرة العبادية. . . و لانعرف لذلك شاهداً من العبادات غير (الحج) .
فإنّ الحج يجمع في كلّ عام عامّة المسلمين المستطيعين للحج في مكان واحد، وزمان واحد؛ لأداء فريضة الحج. . . وهذا من أعظم منازل الرحمة في حياة الإنسان، و لايشبهه منزل آخر من منازل الرحمة في حياة الناس، إلاّ القتال في سبيل الله تعالى.
وبذلك تجتمع منازل عديدة للرحمة في الحج من حيث المواقع المكانية، والزمانية، والمناسك، والشعائر، و الاجتماع المليوني في مكان واحد وزمان واحد، . . . وقمّة ذلك في وادي عرفة، يوم عرفة.
فإنّ الرحمة الإلهية تصبّ على وادي عرفة، يوم عرفة من غير حساب، وتنزل على ضيوف الرحمن في سائر شعائر الحج.
وليس في مقدور الإنسان أن يحصي البركات الربانية التي تنزل على ضيوف الرحمن من جانب الرحمن، في هذه المنازل التي أعدّها الله تعالى لضيوفه.
في هذه المنازل تنزل على الحجاج مواهب عظيمة من رحمة الله، تمنحهم البصيرة، والهدى، والنور، والإقبال على الله، والجدّ، والاهتمام، والعزم، واليقين، وحبّ الله، وحبّ أوليائه، وبغض أعداء الله، وأعداء أوليائه، والزهد في الدنيا وحطامها، والإقبال على الآخرة ونعيمها، وما لا أحصيه من مواهب الله تعالى في منازل رحمته في الحج.
باقة الحديث
وإليكم باقة من الحديث الشريف في منازل الرحمة في الحج، أرجو أن ينفعنا الله بها.
منزلة الحاج عند الله فى الجنة
ورد في منزلة الحاج عند الله في الجنة، إذا أحسن الحج، وأداه لوجه الله، خالصاً في النّية، وحج من نفقة طيبة محلّلة: أنّ الله تعالى ينزله في الجنة بجوار النبيين، والشهداء، والصديقين، وحسن أولئك رفيقاً، وناهيك بهذه المنزلة الرفيعة منزلة في الجنة!
عن أبي عبدالله الصادق (ع) قال: «لما حج موسى (ع) ، نزل عليه جبرئيل (ع) فقال له موسى (ع) : يا جبرئيل! مالمن حج هذا البيت بنيّة صادقة ونفقة طيّبة؟ فأوحى الله تعالى إليه قل له: أجعله في الرفيق الأعلى مع النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً» . 1