32إنّ المعيار الذي قدّمه كلام رسول الله (ص) حول علامات الحج المقبول، يتحقق في سائر العبادات أيضاً، تماماً كما يقول الله تعالى حول الصلاة: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ ، 1فحقيقة الصلاة لها أثر تكويني في المصلّي، بحيث تؤدي إلى إيجاد تحوّلات وتعديلات في دوافعه، و إراداته، ورغباته، وقراراته، وعزمه و. . . فهو بالنسبة إلى الخير عازم ومصمم، وبالنسبة إلى الشرّ كاره ومستقذر يختار الابتعاد عنه.
إنّ الأحاديث المتقدّمة تبيّن لنا أنّ روح الحج وحقيقته أمر تكويني، و هي التي تحول دون عزم الحاج أو إرادته مالا يليق ولا ينبغي.
وخلاصة القول: الحاج يتطهّر بالقيام بأعمال الحج من كل ألوان التلوّث، ومادام لا يلوّث بذنب أو قذاره فهو نوراني، كما يقول الإمام الصادق (ع) : «الحاج لا يزال عليه نور الحج ما لم يلمَّ بذنب» . 2إنّ مشاهدة هذه النورانية تجعل الحاج آملاً بقبول حجّه من الله تعالى.
ارشادات النبى (ص) فى حجة الوداع
وختاماً يعلّمنا كلمات نورانية لخاتم النبيين (ص) في حجةالوداع، حول نظام الحج وأسراره. 3خاتم الأنبياء (ص) إنسان كامل يتحلّى بالكمالات الظاهرة، والمقامات المعنوية، من هنا قال في تعليمه أحكام الحج الفقهية والعملية: «خذوا عني مناسككم» ؛ 4تماماً كما قال حول تعليم أحكام الصلاة: «صلّوا كما رأيتموني أصلّي» . 5تحدث رسول الله (ص) حول تعليم أسرار الحج وبيان بعض زواياه في حجةالوداع، و ذكر بعض التوجيهات، ومنها:
1. تهذيب النفس وتزكية الروح في المحاور الثلاثة: التوحيد، الارتباط بالإمام، والاتحاد والاتفاق وحفظ الانسجام العام بين المؤمنين، قال (ص) : «ثلاث لايغل عليهنّ قلب امْرءٍ مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة لأئمة المسلمين، واللزوم لجماعتهم» . 6وعليه، فالحاج يعبد الله سبحانه، مع إخلاص العمل الكامل الذي لاتشوبه شائبة في الدين، وينصح أئمته وقادته، ويريد الخير لهم، ويلزم المجتمع الإسلامية.