26إنّ أعلى الحسنات وأعلاها مصداقاً، هو أجر رسالة النبي الأكرم (ص) ، أي تولّي الأولياء الإلهيين واتّباع العترة الطاهرين، قال تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً 1رمي الجمرات
تجذب النباتات والحيوانات والإنسان - كلٌّ على طريقته - كلَّ مايلائمه كما تدفع عنها كلّ ما لاينسجم معه، والجذب والدفع علىمستوى الطبيعة وعلى مستوى الأفراد العاديين تارةً تظهر بصورة الشهوة، والغضب؛ وأخرى على صورة المحبّة والعداوة؛ وثالثة بصورة الإرادة والكراهة. .
أمّا في المؤمنين فتظهر الصورة بشكل أرقّ، وهي التولّي والتبري، فالحج الذي يبلغ مرحلة التولّي الحقيقي والتبري الصحيح، يتجلّى جذبه و تولّيه في المبيت بمنى في ذكر الله تعالى، كما يظهر دفعه و تبرّيه في مناسك أيامها.
وليكن القول - مع الأخذ بنظر الاعتبار - قوله تعالى حول ذبح الأضاحي: لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَ لا دِماؤُها وَ لكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ . 2إنّ بيان القرآن حول مجلى التبرّي - وهو رمي الجمرات - هو أنّ الحجارة لا ترجم الشيطان ولا تطرده، وإنما الذي يدفعه هو الانزجار الباطني والداخلي لكم، فهذا هو الذي يجعل شياطين الجنّ والإنس تفرّ، ويجعلك محمياً من كل شيطنة داخلية وخارجية.
ولابد من الالتفات في مسألة رمي الجمرات إلى أنّ تلك الجمرات ليست شياطين، ولا ذلك الرمي للحجارة رمياً للشيطان، لأنّ رمي الجمرات كان أمراً مرسوماً في الجاهلية، كما أنّ بعض شياطين الإنس اليوم يمارسون رمي الجمرات هذا، فمن البديهي أنّ الشيطان لايطرد برميةٍ فيها سبعة أحجار، وإنما السبيل الوحيد لطرده والبقاء في مأمن من ضرره هو الاستعاذة العملية، والتحصّن بالحصن الإلهي، قال تعالى: وَ إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ . 3إنّ رمي الجمرات بالحجارة ما هو إلاّ تعبير رمزي وإشاري إلى رمي الشيطان الداخلي والخارجي، وطرد شياطين الجن والإنس، فإذا كان هناك شخص هو بنفسه شيطاناً إنسياً، فإنه لن ينال شرف التبري، والرمي الحقيقي ولا لياقتهما، تماماً كما إذا كان الشيطان قريناً لشخص، 4فإنه لن يتمكن من رمي قرينه، أي شيطانه.