44أشواط الطواف و السعي، فإن لعدد ثمانية، الذي تغلب عليه الصبغة الرحمانية علائمه الخاصة به أيضاً؛ بمعنى أنه إذا كانت أبواب جهنّم ثمانية 1، و حملة العرش يوم القيامة ثمانية: وَيحَمِلُ عَرشَ ربِّكَ فَوقَهُمْ يَوْمَئذٍ ثمَانِيَةٌ 2، و أمثال ذلك، فإنّه لا شكّ في وجود سرّ و رمز في ذلك، مختفٍ و مستور عن المحجوبين في نشأة الكثرة، مع انكشافه لشاهدي ساحة الوحدة.
كما أنّ وضع الكعبة على الجانب لا في المقابل عند الطواف، وكذلك جعل هذا الجانب هو الأيسر لا الأيمن مستنداً أيضاً إلى سرّ يمكن أن يكون الإطلاع عليه صوم الزائرين أو رزق كتاب أسرار الحج و رموزه.
الطواف الجاهلي
كان المشركون في العصر الجاهلي يطوفون حول الكعبة، إلاّ أنّ القرآن وصف عبادتهم في أطراف الكعبة بالصفير و ضرب الكفّ، حيث قال: ( وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكاءً وَ تَصْدِيَة ً) . 3إنّ من يضع الكتاب الإلهي خلفه، و يضع الأصنام مكان الله سبحانه، هو مصداق ( كَالأنْعامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ ) 4، و كلام البهائم مبهم لا مبيّن، لهذا فكلّ ما يصدر من فمهم إنّما هو بمثابة الصفير، و حيث إنّ تمتمة الشرك ليست بياناً إنسانياً، عبّر القرآن عن طوافهم المشوب بالشرك بالصفير لا البيان، من هنا فالصفير الواقعي و القولي كلاهما مصداق للآية الشريفة.
إنّ الجاهلين بأسرار الحج يدورون حول الكعبة، كما كان أهل الشرك في الجاهلية يدورون كثيراً حولها، و عندها الأصنام و الأوثان، و كما يدور