192أي: أعلمتنا و أخبرتنا؛ فأصل الأذان: الإعلام.
فما كان من سيدنا إبراهيم إلاّ أن يلبي ما أرادته السماء و ما عهدت له، فصعد إلى جبل أبي قبيس، أو من المقام نفسه، و وضع أصبعيه في أذنيه. . صاح بأعلى صوته في جميع اتجاهاته:
"أيها الناس! لقد فرض الله عليكم الحج، و زيارة هذا البيت العتيق" أو "يا أيها الناس أجيبوا ربكم" فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال و أرحام النساء ". 1و في تفسير معالم التنزيل، البغوي (ت 516 ه-) أقبل بوجهه يميناً، و شمالاً، و شرقاً، و غرباً، و قال: "يا أيها الناس ألا إنّ ربكم قد بنى لكم بيتاً و كتب عليكم الحجَّ إلى البيت فأجيبوا ربكم" فأجابه كل من كان يحج من أصلاب الآباء، و أرحام الأمهات: لبيك الّلهم لبيك. .
و عند أهل التفسير قوله: ( وَأذِّن فِى لنَّاسِ بِلْحَجِّ ) أي: ناد في الناس بالحج، داعياً لهم إلى الحج إلى هذا البيت الذي أمرناك ببنائه، فذكر أنه قال: يا رب! و كيف أبلغ الناس، و صوتي لاينفذهم؟ فقال: ناد، و علينا البلاغ، فقام على مقامه، و قيل: على الحجر، و قيل: على الصفا، و قيل: على أبي قبيس.
هذا، و قد كان النبي إبراهيم (ع) رحّالة، فلعله كان ينادي في الناس في كل مكان يحل فيه؛ و قال: "يا أيها الناس إنّ ربكم قد اتخذ بيتاً، فحجوه" فيقال: إنّ الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، و أسمع من في الأرحام و الأصلاب، و أجابه كل شيء سمعه من حجر، و مدر، و شجر،