302 - الإخلاص.
3 - الذِّكر.
4 - التقوى.
وإليك شرح كلّ واحد من هذه الضوابط بقدر ما يتّسع له هذا المقال.
1- التوحيد في السعي
إنّ (السعي) يمكن أن يكون سُلّماً إلى التوحيد، ويمكن أن يكون حجاباً يحجب صاحبه عن التوحيد. . . وذلك عندما يخال الإنسان أنّ سعيه هو مصدر رزقه، وقوته، وعزّته، وكثرته، وحوله، وطوله، وعلمه، وهذا هو الحجاب الذي يحجب صاحبه عن الله، وهو من الشرك بالله، إن لم يبلغ أحياناً الكفر بالله العظيم.
والمنهج الصحيح في (السعي) : أن يبتغي الإنسان بالسعي فضله ورحمته فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُوا فِى الاَْرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ (39) .
وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ (40) .
وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ (41) .
فالرزق كلّه من الله تعالى:
قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِن السَّمَوَاتِ وَالاَْرْضِ قُلْ اللهُ (42) .
هَلْ مِنْ خَالِق غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِن السَّمَاءِ وَالاَْرْضِ (43) .
والشفاء من عند الله: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (44) .
والنصر من عند الله: وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (45) .
والزرع من عند الله: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (46) .
والحول والقوّة كلّها لله تعالى: مَا شَاءَ اللهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ (47) .
والإنسان في جولة السعي في هذه الحياة الدُّنيا لا يزيد على أن يطلب الرزق والشفاء والعلم والنصر من عند الله، وإنّما السعي في الأسواق، والسعي إلى الطبّ والدواء، والسعي إلى العلم، والسعي للتخطيط والإعداد لساحات القتال، مفاتيح للمالوالشفاء والعلم والنصر فقط، وليست مصادر لها.
لقد برز قارون لقومه بزينته فرِحاً مختالاً بما اُوتي من المال، فقال له العلماء الصالحون من بني إسرائيل: لا تفرح، أي لا يغرّك هذا المال ولا يُصيبك الاختيال، فإنّ الله لا يحبّ الفرحين المغرورين المختالين: إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (48) .
فكان جواب قارون لهم أنّه قد كسب هذا المال كلّه بعلمه ومعرفته وذكائه. . . قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْم عِندِى (49) ؛ أي إنّما اُوتيت هذا المال بسبب من علمي ومعرفتي، وهذا هو الكفر بالله العظيم.
إنّ السعي الذي أوصل قارون إلى هذا المال الكثير حجبه عن الله تعالى، وهذا الحجاب هو الكفر بالله العظيم.
وفي قصّة صاحب الجنّتين نقرأ في سورة الكهف هذا الحوار بينه وبين صاحبه الفقير المؤمن:
فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَراً . . .
قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِى خَلَقَكَ مِنْ تُرَاب ثُمَّ مِنْ نُطْفَة ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً .
لَكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّى وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّى أَحَداً .