109وذكر الله في التكبير كما في صحيحتي محمد ومنصور المشار إليهما. وصورته المتفق عليها بين المسلمين كما ذكره في التبيان: الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وزاد أصحابنا تبعاً للروايات عن أئمتهم أهل البيت وجمعاً بينها: الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا ورزقنا من بهيمة الأنعام. وهو مستحب على المشهور لصحيحة علي بن جعفر عن أخيه الكاظم قال: سألته عن التكبير في أيام التشريق أواجب أو لا؟ قال (ع) : «مستحب وإن نسي فلا شيء عليه» ، فالأمر في الآية للاستحباب. ووقته بعد كل فريضة من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الصبح من اليوم الثالث عشر فيكون خمسة عشر تكبيراً، ولمن ينفر بالنفر الأول بعد الزوال فيكون عشر مرات. واختلف كلام الفقهاء من الجمهور في عدده ولكن مالكاً والشافعي في أحد أقواله وافقا أصحابنا. (15)
يقول الرازي (606ه) :
المسألة الثانية: المراد بالذكر في هذه الأيام: الذكر عند الجمرات، فإنه يكبر مع كل حصاة والذكر إدبار الصلوات والناس أجمعوا على ذلك، إلا أنهم اختلفوا في مواضع:
الموضع الأول: أجمعت الأمة على أن التكبيرات المقيدة بإدبار الصلوات مختصة بعيد الأضحى، ثم في ابتدائها وانتهائها خلاف.
القول الأول: أنها تبتدأ من الظهر يوم النحر إلى ما بعد الصبح من آخر أيام التشريق فتكون التكبيرات على هذا القول في خمس عشرة صلاة، وهو قول ابن عباس وابن عمر، وبه قال مالك والشافعي رضي الله عنهما في أحد أقواله، والحجة فيه أن الأمر بهذه التكبيرات إنما ورد في حق الحاج، قال تعالى: فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ ثم قال: وَاذْكُرُواْ اللهَ فِى أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وهذا إنما يحصل في حق الحاج، فدل على أن الأمر بهذه التكبيرات إنما ورد في حق الحاج وسائر الناس تبع لهم في ذلك، ثم إن صلاة الظهر هي أول صلاة يكبر الحاج فيها بمنى، فإنهم يلبون قبل ذلك، وآخر صلاة يصلونها بمنى هي صلاة الصبح من آخر أيام التشريق، فوجب أن تكون هذه التكبيرات في حق غير الحاج مقيد بهذا الزمان.
القول الثاني: للشافعي رضي الله عنه أنه يبتدأ به من صلاة المغرب ليلة النحر، إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق، وعلى هذا القول تكون التكبيرات بعد ثماني عشرة صلاة.
والقول الثالث: للشافعي رضي الله عنه أن يبتدأ بها من صلاة الفجر يوم عرفة، وينقطع بعد صلاة العصر من يوم النحر، فتكون التكبيرات بعد ثمان صلوات، وهو قول علقمة والأسود والنخعي وأبي حنيفة.
والقول الرابع: أنه يبتدأ بها من صلاة الفجر يوم عرفة، وينقطع بعد صلاة العصر من يوم النحر من آخر أيام التشريق، فتكون التكبيرات بعد ثلاث وعشرين صلاة، وهو قول أكابر الصحابة، كعلي وعمر وابن مسعود وابن عباس، ومن الفقهاء قول الثوري وأبي يوسف ومحمد وأحمد وإسحاق والمزني وابن شريح، وعليه عمل الناس بالبلدان، ويدل عليه وجوه:
الأول: ما روى جابر أن النبي (ص) صلى الصبح يوم عرفة، ثم أقبل علينا فقال: الله أكبر، ومد التكبير إلى العصر من آخر أيام التشريق.
والثاني: أن الذي قاله أبو حنيفة أخذ بالأقل، وهذا القول أخذ بالأكثر، والتكثير في التكبير أولى لقوله تعالى: اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً (16) .
الثالث: أن هذا هو الأحوط، لأنه لو زاد في التكبيرات فهو خير من أن ينقص منها.
والرابع: أن هذه التكبيرات تنسب إلى أيام التشريق، فوجب أن يؤتى بها إلى آخر أيام التشريق.