100واعلم أنّ صلاتك مع رجلٍ أفضل من صلاتك وحدك، وإن صلاتك مع رجلين أفضل من صلاتك مع رجل، وما أكثرتم فهو أحب إلى الله، وإن الصفّ المقدم على مثل صف الملائكة، ولو يعلمون فضيلته لابتدروه، ألا وإن صلاة الجماعة تفضل على صلاة الرجل وحدَه أربعاً وعشرين أو خمساً وعشرين.
قال الرسول (ص) : «ما مِنْ شيءٍ يصيب المؤمن في جسده إلا كفَّر الله عنه به من الذنوب. .» . فقال أبي بن كعب: اللهم إنّي أسألك أن لا تزال الحُمّى مُضارِعةً لجسدِ أبي بن كعب حتى يلقاك، لا يمنعه من صيام ولا صلاة ولا حجّ ولا عُمرة ولا جهاد في سبيلك. فارتكبته الحمى فلما تفارقه حتى مات، وكان في ذلك يشهد الصلوات ويصوم ويحج ويعتمر ويغزو. . .
وفاته رضوان الله تعالى عليه
اختلف في سنة وفاته فقيل: في السنة التاسعة عشرة للهجرة النبوية الشريفة، وقيل: في سنة عشرين منها، وقيل: بعد ثلاث وعشرين سنة من الهجرة، وقيل: في سنة ثلاثين، وقيل: في سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: قبل مقتل الخليفة الثالث عثمان. وقيل: في زمن الخليفة عمر، وقيل: في زمن عثمان، ولعل الثاني هو الأصحّ، أي في سنة ثلاثين، وقد ارتضاه كل من الواقدي وابن سعد، وهو أثبت الأقاويل كما عبرا عنه،
ومن الدلائل عليه: خبر محمّد بن سيرين:
قال محمّد بن سيرين: إن عثمان بن عفان: جمع إثني عشر رجلاً من قريش والأنصار، فيهم أُبي بن كعب وزيد بن ثابت في جمع القرآن.
وقبله ابن الأثير صاحب أسد الغابة في معرفة الصحابة حيث قال: وقيل: سنة ثلاثين في خلافة عثمان. قال: وهو الصحيح؛ لأن زر بن حبيش لقيه في خلافة عثمان.
ولما مات قال ابن ضمرة: رأيت أهل المدينة يموجون في سككهم، فقلت: ما شأن هؤلاء؟
فقال بعضهم: ما أنت بأهل البلد؟
قلت: لا.
قال: فإنه قد مات اليوم سيد المسلمين، أبي بن كعب.
ويقول آخر وهو عُتيّ السعديّ: قدمت المدينة في يوم ريحٍ وغُبْرةٍ، وإذا الناس يموج بعضهم في بعض.
فقلت: ما لي أرى الناس يموج بعضهم في بعض؟
فقالوا: أما أنت من أهل هذا البلد؟
قلت: لا.
قالوا: مات اليوم سيد المسلمين، أبيّ بن كعب.
حقاً لقد كنت من أولئك الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه!
فسلام عليك - أبا المنذر - في الخالدين مع الأبرار والصالحين!
1) انظر في هذا مختصر تاريخ دمشق 197:4 - 198. والاستيعاب، والإصابة، والحاكم في المستدرك.
2) السيرة النبوية 505:2 - 506، والهامش.
3) سورة البينة: 1.
4) رواه الترمذي.