63أن مسافة عرض المسعى التي ذكرها بعض المؤرخين أو الفقهاء تقرير للواقع في ذلك الوقت بصورة تقريبية ليس إلا ، لم يرد فيها نص من السنة، أو الأثر، يقول العلامة ابن حجر الهيتمي المكي: « ولك أن تقول: الظاهر أن التقدير لعرضه المسعى بخمسة وثلاثين، أو نحوها على التقريب، إذ لا نص فيه يحفظ عن السنة فلا يضر الالتواء اليسير بحيث لم يخرج عن سمت العقد المشرف على المروة لم يضر».
2- ذكر الفقهاء والمؤرخون المكيون أن المسعى في الوقت الحاضر منذ العهد بتوسعة الخليفة المهدي العباسي عام ستين ومائة ليست في الموقع الذي سعى فيه رسول الله(ص) ، وصحابته من بعده، فمن ثم أبرز العلامة قطب الدين بن علاء الدين النهروالي المكي الحنفي هذا الإشكال وأجاب عليه ، كما تقدم ذكر هذا سابقاً . علماً بأن المقصود بكلمة ( الموقع الذي سعى فيه رسول الله (ص) ) هو مكان الهرولة بين الميلين الأخضرين.
الخاتمة
من خلال ما تقدم عرضه من العناصر توصل البحث إلى النتائج التالية:
أولاً: خصت الصفا والمروة بالذكر في النصوص الشرعية: الكتاب والسنة، ضمن شعائر الحج والعمرة لتكون علامات طبيعية ثابتة لهذه الشعيرة على مدى العصور، وكما هي عادة الشرع الشريف أن يحد المشاعر بعلامات طبيعية.
ثانياً: الصفا: يطلق هذا الاسم على جبل يبدأ من نهاية جبل أبي قبيس وهو أكبر مما هو عليه الآن، حيث يمتد شرقاً في العرض إلى سور قصور الصفا الملكية القائمة على نهاية جبل الصفا في امتداد جبل أبي قبيس .
ثالثاً: الصخر البارز الموجود الآن في مشعر الصفا ليس هو كل الجبل وإنما هو جزء منه، وقد أبرزت جريدة عكاظ في الصفحة الحادية عشرة ، في عددها الصادر يوم الثلاثاء 17 ربيع الأول عام 1429ه- ، الموافق 25 مارس 2008م ، السنة الخمسون العدد 15186 جبل الصفا على طبيعته في صورتين فوتوغرافيتين فأصبح واضحاً للعيان ( بعد تواريه عقوداً طويلة).
رابعاً: تمتد حدود جبل الصفا العرضية قدر امتداده الطبيعي، ذلك أن جبل الصفا يمتد عرضاً من جهتيه الغربية والشرقية، بأكثر مما هو موجود حالياً، وهذا معروف بداهة .
خامساً: قد عبر العلامة الفقيه، المؤرخ تقي الدين الفاسي المكي عن هذا بتعبير دقيق جداً فقال:» وهو اَلصَّفٰا موضع مرتفع. . من جبل «فليس الصفا الحالي، ولا السابق قبل التوسعة السعودية الذي يقف عليه الناس هو كل جبل الصفا .
سادساً: المروة: رأس هو منتهى جبل قعيقعان، أما الجزء البارز الواضح من هذا الجبل في المروة في الوقت الحاضر فهو جزء بسيط من أصل الجبل.
سابعاً: يمتد جبل الصفا عرضاً من طرفيه، وكذلك المروة بأكثر من الأجزاء الموجودة في الوقت الحاضر .
حيث لم يرد في السنة المطهرة تحديد للصفا والمروة فإن مناط الحكم الشرعي وتعلقه هو ما يطلق عليه جبل الصفا وجبل المروة بقدر امتدادهما . و أن يكون أداء السعي بينهما وفي حدودهما ، وهو ما قرره بعض العلماء المعاصرين في مجلس العلامة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ، ونقل هذا العلامة الشيخ عبد الرحمن الناصر السعدي، كما تقدم.
ثامناً: أن ما بين ضفتي هذين الجبلين الشرقية والغربية واد عريض جداً، كانت تدخل منه السيول إلى الحرم، ومن أجل أن ينحرف السيل عن دخول الحرم وضع الخليفة عمر بن الخطاب ما يسمى تاريخاً ب- (الردم) في المدعى المعروفة اليوم، ولا زال هذا الارتفاع علامة طبيعية بارزة حتى وقتنا الحاضر.
تاسعاً: إن اتساع الوادي عرضاً كان هو المبرر لتحويل المسعى عما كان على عهد رسول الله (ص) ، والتابعين حتى عهد المهدي الخليفة العباسي، ولا يعد هذا تغييراً لموضع شعيرة السعي.
عاشراً: المهم الأساس في أداء شعيرة السعي هو نقطة البداية لما يطلق عليه جبل الصفا، ونقطة النهاية فيها هو ما يطلق عليه جبل المروة .
حادي عشر: السعي بين جبلي الصفا والمروة ، واستيفاء المسافة بينهما هو مناط الحكم الشرعي ومتعلقه، وهو أحد واجبات السعي الذي أكد الفقهاء على المحافظة عليه في أداء شعيرة السعي، واهتموا به الاهتمام الكامل، حتى أنهم ذرعوا الطول بصورة دقيقة، واجتهدوا كثيراً في تحديد بدايتها ونهايتها قديماً وحديثاً.
ثاني عشر: ليس من الافتئات على الشريعة دعوى إجماع الفقهاء أن الواجب في السعي هو استيفاء المسافة بين الصفا والمروة طولاً، أما العرض فإن السعي صحيح ومتحقق في جميعه ما دامت المسافة التي يقطعها الساعي متحققة بين الجبلين الصفا والمروة . ولهذا لم يتعرض الفقهاء للكلام عن العرض، ذلك أن العرض رهين بمحدودية الجبلين عرضاً في كليهما.
ثالث عشر: