31
4- خطبته(ص) يوم النحر
عبّر بعض المصنفين منهم البخاري و النسائي عن خطبة رسول الله(ص) بعرفة بخطبة يوم النحر . كما ذكر بعض المؤرّخين خطبة رسول الله(ص) بمنى، ومفادها يقرب من خطبته بعرفة، ولكن نصّوا على أنّها خطبته بمنى.
من هؤلاء محمّد بن سعد في الطبقات، قال: أخبرنا عبدالوهاب بن عطاء، قال: أخبرنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن عبدالرحمن بن غنم، عن عمرو بن خارجة قال: خطبنا رسول الله(ص) بمنى و إنّي لتحت جران ناقته، و هي تقصع بجرّتها، وإنّ لعابها ليسيل بين كتفيّ، فقال:« إنّ الله قسم لكلّ إنسان نصيبه من الميراث، فلا تجوز لوارث وصيّة، ألا و إنّ الولد للفراش و للعاهر الحجر، ألا و من ادّعى إلى غير أبيه أو تولّى غير مواليه رغبةً عنهم فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين».
وقال أيضاً: أخبرنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، أخبرنا الوليد بن مسلم، أخبرنا هشام بن الغاز، أخبرني نافع، عن ابن عمر: أنّ النبي(ص) وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجّة التي حجّ، فقال للناس:«أيّ يومٍ هذا:؟ فقالوا: يوم النحر.
قال: «فأيّ بلدٍ هذا»؟
قالوا: البلد الحرام.
قال: «فأيّ شهرٍ هذا»؟
قالوا: الشهر الحرام.
فقال: «هذا يوم الحجّ الأكبر، فدماؤكم و أموالكم و أعراضكم عليكم حرام كحرمة هذا البلد في هذا الشهر في هذا اليوم» . ثمّ قال: «هل بلّغت؟»
قالوا: نعم.
فطفق رسول الله(ص) يقول:«اللّهمَّ اشهد» . ثمّ ودّع الناس، فقالوا: هذه حجّة الوداع.
وروى ابن سعد مثله بسند آخر، فقال: أخبرنا خلف بن الوليد الأزدي، أخبرنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، حدّثني أبو مالك الأشجعي، حدّثني نُبيط بن شريط الأشجعي،قال: إنّي لرديف أبي في حجّة الوداع إذ تكلّم النبي(ص) ، فقمت على عجز الراحلة و وضعت رجلي على عاتقي أبي، قال: فسمعته يقول:« أيّ يومٍ أحرم»؟
قالوا: هذا اليوم.
قال: «فأيّ شهرٍ أحرم»؟
قالوا: هذا الشهر،
قال: «فأيّ بلدٍ أحرم»؟ قالوا: هذا البلد.
قال: «فإنّ دماءكم و أموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، هل بلّغت»؟
قالوا: اللّهمَّ نعم . قال:« اللّهمَّ اشهد، اللّهمَّ اشهد، اللّهمَّ اشهد».
وقال أيضاً: أخبرنا يونس بن محمّد المؤدّب، أخبرنا ربيعة بن كلثوم بن جبر حدّثني أبي، عن أبي غادية رجل من أصحاب رسول الله(ص) قال: خطبنا رسول الله(ص) يوم العقبة، قال:« يا أيّها الناس إنّ دماءكم و أموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربّكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا و ألا هل بلّغت»؟ قال: قلنا: نعم، قال: «اللّهمَّ اشهد، ألا لا ترجعنّ بعدي كفّاراً يضرب بضعكم رقاب بعض».
ثم إنّ ابن سعد قال: أخبرنا هاشم بن القاسم، أخبرنا عكرمة بن عمّار، حدّثني الهرماس بن زياد الباهلي قال: كنت ردف أبي يوم الأضحى و نبيّ الله(ص) يخطب الناس على ناقته بمنى.
وقال: أخبرنا هشام أبوالوليد الطيالسي، أخبرنا عكرمة بن عمّار، أخبرنا الهرماس بن زياد قال: انصرف رسول الله(ص) و أبي مُرْد في ورائه على جملٍ له، و أنا صبيّ صغير، فرأيت النبي(ص) يخطب الناس على ناقته العَضْباء يوم الأضحى بمنى 1.
ولا يخفى أنّ مفادها نفس مفاد الخطبة التي ذكرناها سابقاً، و استظهرنا بأنّه أوردها بعرفة، و يمكن إيرادها مرّة ثانية بمنى.
و في المصنّف لابن أبي شيبة بسندين عن مجاهد و مسروق أنّ النبي(ص) خطبهم يوم النحر 2.