120هذا، ولتعدد مصادر التحمل بالنسبة لأبي سعيد أهميته في كثرة رواياته، فكما تحمل الحديث عن الرسول(ص) فلقد تحمل الحديث عن كبار الصحابة . . وأيضاً لتفرغه للتحديث والفقه ، مما جعله أن يكون أحد الفقهاء المحدثين ..
هذا، وأن هناك قواسم مشتركة جامعة بين الصحابة المكثرين لرواية الأحاديث عن رسول الله(ص) يتمثل بطول ملازمتهم لرسول الله(ص) وإن اختلفوا في مدتها، وبتأخر وفاتهم ، فلقد مكثوا بعد وفاة الرسول(ص) فترة زمنية كان فيها متسع لأن يحدثوا الناس ويستفيد هؤلاء من علمهم . كما أن مصادر تحملهم تعددت، فنراهم قد تحملوا عن رسول الله(ص) وتحملوا عن كبار الصحابة ، وإن كانوا في الأعم الأغلب يحذفون الواسطة بينهم وبين الرسول(ص) لثقتهم بمن حدثوهم . ولم ينفردوا بما حدثوا به عن رسول الله(ص) بل شاركهم غيرهم من الصحابة في رواية كثير مما رووا، فروايات أبي سعيد الخدري لحديث الغدير ولحديث الثقلين ولغيرهما لم ينفرد بروايتها وحده، بل هناك العديد من الصحابة رووا هذه الأحاديث... . ولهذا نجدهم يروي أحدهم عن عدد، وعدد يروي عنهم، كما هو الحال مع أبي سعيد الخدري؛ فقد روى عن النبي(ص) مباشرة وعن أبيه وأخيه لأمه قتادة بن النعمان، وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وزيد بن ثابت وأبي قتادة الأنصاري، وعبدالله بن سلام وأسيد بن حضير، وابن عباس وأبي موسى الأشعري، ومعاوية وجابر بن عبد الله.
وعنه ابنه عبد الرحمن وزوجته زينب بنت كعب بن عجرة، وابن عباس، وابن عمر، وجابر، وزيد بن ثابت، وأبو أمامة بن سهل ومحمود بن لبيد وابن المسيب، وطارق بن شهاب وأبو الطفيل وعطاء بن أبي رباح، وعطاء بن يسار وعطاء بن يزيد وعياض بن عبد الله بن أبي سرح، والأغر بن مسلم وبشر بن سعيد وأبو الوداك وحفص بن عاصم، وحميد بن عبد الرحمن بن عوف وأخوه أبو سلمة بن عبد الرحمن، ورجاء بن ربيعة والضحاك المشرقي، وعامر بن سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن خباب، وسعيد بن الحارث الأنصاري، وعبد الله بن محيريز، وعبد الله بن أبي عتبة مولى أنس، وعبد الرحمن بن أبي نعم، وعبيد بن حنين، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، وعبد الرحمن بن بشر بن مسعود، وعبيد بن عمير، وعقبة بن عبد الغافر، وعكرمة، وعمرو بن سليم وقزعة بن يحيى ومعبد بن سيرين، ونافع مولى بن عمر، ويحيى بن عمارة بن أبي حسن، ومجاهد، وأبو جعفر الباقر، وأبو سعيد المقبري، وأبو عبد الرحمن الحبلي، وأبو عثمان النهدي، وأبو سفيان مولى بن أبي أحمد، وأبو صالح السمان، وأبو المتوكل الناجي، وأبو نضرة العبدي، وأبو علقمة الهاشمي، وأبو هارون العبدي وغيرهم.
قال حنظلة بن أبي سفيان عن أشياخه: وروى عن خلائق غيرهم..
حبه وولاؤه لأئمة أهل البيت النبوي
لقد عاصر هذا الصحابي الجليل من المعصومين الرسول الأعظم(ص) فنال بذلك وسام الصحبة المباركة فكان ممن حمل معه الأمانة .. . وممن بذل كل غال ونفيس من أجل إعلاء كلمة الحق ، وكان ممن حفظ عن رسول الله(ص) سنناً كثيرة وروى عنه علماً جماً ، وكان من نجباء الأنصار وعلمائهم وفضلائهم..
وقد عاصر أربعة من أئمة أهل البيت: بدءاً بالإمام علي، ثم الإمام الحسن، والإمام ا لحسين، والإمام علي بن الحسين(عليهما السلام) وكان واعياً صادقاً في ولائه لهم . . ويعدّ من أجلاء الصحابة الذين كانت لهم مواقف مشرفة مع أئمة أهل البيت: ..انطلاقاً من صدق حبه ومودته لهم ، وتحمل الأذى في سبيله هذا.
فهو إضافة إلى أنه لم يترك مرافقة أمير المؤمنين علي(ع) ، وكان إلى جانبه في معركة النهروان، ظل ولاؤه مستمراً مدافعاً عنه حتى بعد انتقال الإمام علي إلى جوار ربه ..
وهذه واحدة من رواياته رضوان الله تعالى عليه في حب أئمة أهل البيت:
تقول الرواية : حدَّثنا مُحَمَّد بن الفضل بن زيدويه الجلاب الهمداني، قال: حدَّثنا إبراهيم بن عمرو الهمداني، قال: حدَّثنا الحسن بن إسماعيل، عن سعيد بن الحكم، عن أبيه، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبيسلمة، عن أبي سعيد الخدري، قال رسول الله(ص) :
«من رزقه الله حبَّ الأئمة من أهل بيتي فقد أصاب خير الدنيا والآخرة، فلا يشكَّنَّ أحد أنَّه في الجنة، فإنَّ في حب أهل بيتي عشرين خصلة، عشر منها في الدنيا وعشر منها في الآخرة؛
أما التي في الدنيا في الزهد، والحرص على العمل، والورع في الدين، والرغبة في العبادة، والتوبة قبل الموت، والنشاط في قيام الليل، واليأس مما في أيدي الناس، والحفظ لأمر الله ونهيه عزَّ وجلَّ، والتاسعة بغض الدنيا، والعاشرة السخاء.
وأما التي في الآخرة، فلا ينشر له ديوان، ولا ينصب له ميزان، ويعطى كتابه بيمينه، ويكتب له براءة من النار، ويبيض وجهه، ويكسى من حلل الجنة، ويشفع في مائة من أهل بيته، وينظر الله عزَّ وجلَّ إليه بالرحمة، ويتوج من تيجان الجنة، والعاشرة يدخل الجنة بغير حساب.
فطوبى لمحبي أهل بيتي» 1.
ونحن هنا نكتفي بما رواه أبو سعيد في أمهات المسائل التي ابتني عليها المذهب الإمامي:
وكان في عداد رواة حديث الثقلين وحديث الغدير ، وحديث المنزلة .. . وهي التي شكلت أسس المذهب الإمامي، الذي يستقي علومه وأحكامه وأصول اعتقاده من مدرسة أهل البيت:، وهم العدل الثاني في حديث الثقلين المشهور. . وكان من الذين شهدوا لعلي(ع) بالولاية يوم الغدير: