105و فيه، عن الباقر(ع) قال:
لما أراد الله أن يخلق الأرض أمر الرياح فضربن متن الماء حتى صار موجاً ثم أزبد فصار زبداً واحداً فجمعه في موضع البيت ثم جعله جبلاً من زبد ثم دحى الأرض من تحته، وهو قول الله: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّٰاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبٰارَكاً ، فأول بقعة خلقت من الأرض الكعبة، ثم مدت الأرض منها.
7- عن أبي ذَر، رضي الله عنه، قال:
«قلت: يا رسول الله، أي مسجِد وضع في الأرض أول؟
قال: «المسجِد الحرام» .
قلت: ثم أَي؟ قال: «الْمسجِد الأقصى» . قلت: كم بينهما؟
قال: «أربعون سنة» .
قلت: ثم أي؟
قال: ثُم حيث أدركت الصلاةَ فَصل، فكلها مسجد».
8- أخبرنا إبراهيم بن يزيد التيمي، عن أبيه، قال سمعت أبا ذر يقول: قلت: يا رسول الله! أي مسجد وضع في الأرض أولاً؟
قال: «المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة، ثم أينما أدركتْكَ الصلاة بعد فصل، فإن الفضل فيه» .
9- عن ابن عباس قال: مكة من الفج إلى التنعيم، وبكة من البيت إلى البطحاء.
وأما بخصوص ما ورد في بعض الروايات عن دحو الأرض من تحت الكعبة، فالسيد الطباطبائي يذهب الى عدم مخالفتها للكتاب حيث يقول: والأخبار في دحو الأرض من تحت الكعبة كثيرة، وليست مخالفة للكتاب، ولا أن هناك برهاناً يدفع ذلك غير ما كانت تزعمه القدماء من علماء الطبيعة أن الأرض عنصر بسيط قديم، وقد بان بطلان هذا القول بما لا يحتاج إلى بيان.
ثم يقول: «و هذا تفسير ما ورد من الروايات في أن الكعبة أول بيت، أي بقعة في الأرض، وإن كان الظاهر من الآية ما تشتمل عليه الروايتان. . أي رواية ابن شهر آشوب ورواية الدر المنثور المذكورتان أعلاه» .
الكعبة والطواف
في أخبار مكة حديث منسوب إلى محمد بن علي بن الحسين: وفي الأعلام حدثنا الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الحسين بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: أنه قال: «كنت مع أبي علي بن الحسين بمكة فبينما هو يطوف بالبيت وأنا وراءه إذ جاءه رجل شرجع من الرجال يقول طويل، فوضع يده على ظهر أبي، فالتفت أبي إليه فقال الرجل: السلام عليك يا ابن بنت رسول الله، إني أريد أن أسألك، فسكت أبي وأنا والرجل خلفه حتى فرغ من أسبوعه، فدخل الحجر، فقام تحت الميزاب، فقمت أنا والرجل خلفه فصلى ركعتي أسبوعه ثم استوى قاعداً، فالتفت إليّ، فقمت فجلست إلى جنبه، فقال: يا محمد! فأين هذا السائل؟ فأومأت إلى الرجل، فجاء فجلس بين يدي أبي فقال له أبي: عم تسأل؟ قال: أسألك عن بدء هذا الطواف بهذا البيت لم كان وأنى كان وحيث كان وكيف كان؟ فقال له أبي: نعم من أين أنت؟ قال: من أهل الشام، قال: أين مسكنك؟ قال: في بيت المقدس قال: فهل قرأت الكتابين؟ يعني التوراة والإنجيل قال الرجل: نعم قال أبي: يا أخا أهل الشام! احفظ ولا تروين عني إلا حقاً؛ أما بدء هذا الطواف بهذا البيت فإن الله تبارك وتعالى قال للملائكة: إِنِّي جٰاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فقالت الملائكة: أي رب أخليفة من غيرنا ممن يفسد فيها ويسفك الدماء ويتحاسدون، ويتباغضون ويتباغون؟ أي رب اجعل ذلك الخليفة منا فنحن لا نفسد فيها، ولا نسفك الدماء، ولا نتباغض، ولا نتحاسد، ولا نتباغى، ونحن نسبح بحمدك، ونقدس لك، ونطيعك، ولا نعصيك . فقال الله تعالى: إني أعلم ما لا تعلمون قال: فظنت الملائكة أن ما قالوا رداً على ربهم عز وجل وأنه قد غضب من قولهم، فلاذوا بالعرش، ورفعوا رؤوسهم، وأشاروا بالأصابع يتضرعون، ويبكون إشفاقاً لغضبه وطافوا بالعرش ثلاث ساعات، فنظر الله إليهم فنزلت الرحمة عليهم، فوضع الله تعالى تحت العرش بيتاً على أربع أساطين من زبرجد وغشاهن بياقوتة حمراء، وسمى ذلك البيت الضراح، ثم قال الله تعالى للملائكة: طوفوا بهذا البيت ودعوا العرش، قال: فطافت الملائكة بالبيت وتركوا العرش وصار أهون عليهم من العرش، وهو البيت المعمور الذي ذكره الله عز وجل، يدخله في كل يوم وليلة سبعون ألف ملك لا يعودون فيه أبداً، ثم إن الله سبحانه وتعالى بعث ملائكة فقال لهم: أبنوا لي بيتاً في الأرض بمثاله وقدره، فأمر الله سبحانه من في الأرض من خلقه أن يطوفوا بهذا البيت كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور، فقال الرجل: صدقت يا ابن بنت رسول الله(ص) هكذا كان» 1.
الكعبة موقعاً وتأريخياً
نبدأ أولاً بذكر موقع الكعبة المشرفة، فهي أصل مدينة مكة المكرمة، وتقع في وسط المسجد الحرام على شكل حجرة كبيرة مرتفعة البناء مربعة الشكل، ويبلغ ارتفاعها خمسة عشر متراً، ثم نشأت حول البيت الحرام مدينة مكة المكرمة التي صارت موطن قبيلة قريش الكبرى التي تضم ثلاثاً وعشرين قبيلة عربية ذرية إسماعيل(ع) ، كما تقع الكعبة المشرفة في المركز الوسط للكرة الأرضية، ويعلوها في السماوات العلى البيت المعمور الذي تطوف حوله الملائكة .