46صحة الحديث - :
«ولا قبراً مشرفاً إلا سويّته»، وفي هذه الحال تكون التسوية صفة للقبر نفسه، لا صفةً له بالنسبة إلى شيء آخر، وإذا كانت صفةً للقبر نفسه فالمقصود منها جعل القبر مسطحاً غير مسنّم، وإلا فإذا كان المراد تخريب القبور كان لا بد من مفعول ثانٍ بحرف الجر، إذ يقول: «إلا سويته بالأرض».
والنتيجة أنه لابد في متن الحديث من إعمال الدقة لمعرفة هل هذه التسوية صفة للقبر نفسه أو صفة له بالنسبة إلى شيء آخر؟ ونص الحديث يعطي شهادة على كون التسوية صفةً للقبر نفسه، بمعنى إخراج القبر من حالة الإعوجاج وعدم الانتظام أو التسنيم أو الانحناء، لا أن المراد تخريب القبر وتسويته بالأرض.
كيف يمكن أن يكون المعنى الثاني صحيحاً والحال أن تمام فقهاء الإسلام يفتون باستحباب أن يرتفع القبر عن الأرض بمقدار أربعة أصابع؟! ومن حسن الحظ أن شرّاح صحيح مسلم فسروا الحديث المذكور بالمعنى الذي ذكرناه 1.
إننا نصرف النظر عن تمام هذه الأمور ونفترض تمامية دلالة الحديث إلا أنه يقول: سوّوا القبور بالأرض، لكنه لا يتحدّث عن حرمة البناء على القبر ورفع القباب عليه وتدمير الصروح المشادة عليه، فبورك هذا الاجتهاد الذي لا يقوم لا على كتاب ولا على حديث ولا على اتفاق العلماء!!
وأوضح شاهد على جواز البناء على القبور هو قبر الرسول الأكرم(ص)، فمنذ اليوم الأول دفن(ص) في بيته، وللبيت بناء، وقد حفظ هذا البناء عبر القرون كلّها إلي يومنا هذا.
حفظ الأصالة
إن حفظ التراث والأصالة من