45ونقله البخاري في صحيحه وأبو داوود في سننه، فاسعوا أن يطابق الحج مفادَ هذه الرواية 1.
من المؤسف جداً أن تباد بالجرافات تمام الآثار الإسلامية التي هي علائم على أصالتنا وجذورنا، عبر حديث واحد لايدل أبداً على مقصودهم، واليوم غدت مكة والمدينة مدينتان غربيّتان لا مظاهر تعرّف بهما مدينتان شرقيتان، أما ذاك الحديث وكيف دلّ على مقصودهم فنوضح أمره باختصار، حيث روى مسلم في صحيحه عن أبي الهياج الأسدي عن علي(ع) أنه قال له:
«ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله(ص): أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سوّيته» 2.
لا نتحدّث فعلاً عن سند هذا الحديث، حيث لا يخلو بعض رواته من الإشكال والخدشة؛ إنما المهم هو إيضاح مدلوله، ولا بد من التذكير أن فعل «سوّى» فعلٌ متعدٍّ، ويتطلّب مفعولاً واحداً فقط، تماماً كما في قوله تعالى: فَإِذٰا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سٰاجِدِينَ 3. إلا أنها قد تأخذ أحياناً مفعولين اثنين، فتحتاج في هذه الحال إلى حرف جر، تماماً كما يقول تعالى: إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعٰالَمِينَ 4، وكلّما أخذت مفعولاً واحداً تكون التسوية صفة لذلك الشيء، تماماً كما جاء في الآية بمعنى: عندما أكمل خلق الإنسان، لكن عندما تأخذ مفعولين وينال المفعول الثاني حرف الجر، فلا تكون التسوية صفةً للشيء نفسه، بل صفةً قياساً وإضافةً إلى شيء آخر، تماماً كما جاء في الآية الثانية: إننا نعدّكم - أيّتها الأصنام - شيئاً واحداً مع الله.
وانطلاقاً من هذا المبدأ لابد أن نرى أن فعل «سوّيت» في الحديث له مفعول واحد أم مفعولان؟ الوارد في تعبير الإمام علي(ع) - على تقدير