79جماعةٍ هنا إلى استحباب الاقتداء، ونقل ذلك الغزالي أيضاً وغيره 1، كما نسب ذلك إلى عبد اللّٰه بن عمر وتتبّعه هذه الظواهر من النبي صلى الله عليه و آله، كما تفيده كتب الحديث والسنن 2، وتبنّاه الزركشي في تشنيف المسامع 3، وغيره 4. ولعلّه الظاهر من الشهيد الأوّل؛ حيث حمل الفعل على الشرعي 5.
ولم يظهر وجهٌ لهذا الاتجاه سوى دليل التأسّي الذي بيّنا أمره آنفاً، وهو لا يفيد هنا سوى الإباحة؛ لعدم إحراز صدور الفعل عن النبي على غير وجه الطبيعة أو على أيّ وجهٍ شرعي، وقد شرطنا في التأسّي تحقيق وجه الفعل إلى جانب صورة الفعل، ولعلّه لذلك أو غيره تردّد في مسألة دوران الفعل بين الجبلّي والشرعي مثل ابن اللحام في المختصر 6، وإن حكم غيره بالاستحباب.
الاتجاه الثالث: وهو الاتجاه الذي يرى عدم إمكان الاستفادة التشريعية من الأفعال الجبليّة، كما أشرنا لدى البحث عن تعريف مصطلح السنّة فى دراسة أخرى، وقد طرح هذه الفكرة في الأفعال العادية الأعم ظاهراً من الجبليّة، الشيخُ البهائي (1030 ه) في زبدة الأصول 7، ثمّ تبنّاها الشيخ عبداللّٰه المامقاني 8في القرن الرابع عشر الهجري، ولا مبرّر لذلك ما دام يمكن توظيف هذا الفعل الجبلّي في إثبات عدم التحريم في الحدّ الأدنى، أياستفادة الإباحة كما بيّنا، فلا يصحّ قول بعضهم بأنّه لا يُتّبع النبي في شيء في هذه الأفعال 9.