66كتاب أفعال النبي لعلي بن عبد العزيز بن محمد الدولابي (335 ه) ، وهو من أعلام مذهب الإمام الطبري 1، أما في الوسط الشيعي، فقد تمّ تناول الموضوع إلى قريب القرن العاشر الهجري، لينحسر تدريجياً البحث فيه بعد ذلك، وليتحوّل إلى مبادئ واضحة تقريباً.
لكننا نعتقد بأن تغييب هذا البحث لم يكن دقيقاً، فالمسألة في دراسة الفعل النبوي لا تقف عند حدود مبدأ الحجيّة، وربما لذلك - أيإيقافها عند حدود مبدأ الحجية وغيره - انحسر دور هذا البحث في أصول الفقه الإمامي مؤخراً، انطلاقاً من وضوح نظرية العصمة في المدرسة الكلامية الشيعية، الأمر الذي ظلّ مفتوحاً على احتمالات في الوسط الذي يُنكر العصمة أو لديه مواقف من دائرتها. . بل تتعدّى حدود مبدأ الحجيّة إلى مجالات أخرى في الفعل النبوي، كتحديد مؤدّيات الفعل ومعطياته، وكذا ألوان دلالاته، وعلاقاته بأشكال الأدلة الأخرى.
وعلى هذا الأساس، سوف ندرس في البداية أصل حجية الأفعال النبوية، ثمّ نتعرّض لمؤدّى الفعل ومعطياته، وكيفية ومعوّقات توظيفه في الاجتهاد، لنختم بعد ذلك بالحديث عن دلالاته المختلفة، إن شاء اللّٰه تعالى، مشيرين سلفاً إلى أنّ بعض المباحث التفصيليّة في الأفعال كثرت فيها الأقوال وطالت بها الآراء، سيما في الوسط السنّي، وكثيرٌ منها لا داعي له، ولا حاجة إلى الإطالة فيه إلى هذا الحدّ، لهذا سنعرض عنه، بل إن بعض التقسيمات لأفعال النبي وأنواعها بلغت حدّاً مبالغاً فيه لا ينفع الأصولي في شيء معتدّ به، مثل تقسيم ابن حبان في صحيحه أفعال النبي إلى خمسين نوعاً 2.