67
حجيّة الفعل النبوي، المستند والدليل
لابدّ لكي ننظر في الدليل على حجية الفعل من استعراض أدلّة حجيّة السنّة؛ لنرى شمولها له أم لا، وهل هناك وجهٌ آخر يمكن إضافته في المقام أم لا؟
وحيث كنّا قد استعرضنا سابقاً هذه الأدلّة، في دراسة أخرى 1، ولكي لا نغرق في التكرار والإطالة، نشير إليها بإيجاز، محيلين القارئ إلى أصل البحث في حجية السنّة.
أ. أمّا دليل العصمة:
مع شموله لتمام الأفعال، فهو يثبت حجيّة الفعل؛ لفرض عدم إمكان صدور الحرام منه أو ترك الواجب، مما يكشف - في الحدّ الأدنى وفي الجملة - عن الإباحة، فهذا الدليل تام، بل مع القول بعدم صدور المكروه منه يستفاد أيضاً في عدم كراهة الفعل الذي ثبت صدوره عنه، وهكذا.
ب. أما الآيات القرآنية:
1- فما دلّ على لزوم الإيمان بالنبي والتصديق به - وهو آيات الطائفة الأولى المتقدّمة هناك - لا يشمل الفعل؛ إذ من الواضح أنّ الإيمان يصدق حتى لو لم يكن فعله حجةً، ولا ملازمة لا عقلاً ولا عقلائياً ولا شرعاً بين الأمرين، فإذا كان المطلوب التصديق بالنبي والإيمان به، فهذا لا ينافيه عدم كون فعله حجّةً، كما لا إطلاق في تلك الآيات يفيد الشمول لمثل الفعل النبوي حتى لو سلّمنا أصل دلالتها على حجية السنّة.
2- وأما ما دلّ على تنزيل القرآن ليبيّنه الرسول صلى الله عليه و آله، فإن الظاهر عرفاً من البيان - بعد تسليم أصل دلالة الآيات على حجيّة السنّة - هو البيان اللفظي، أما غيره فيحتاج إلى إشارة وتوضيح، وليس منسبقاً من الآيات، فالتبيين في اللغة العربية ينصرف إلى القول والكلام، ولا مانع من الشمول للفعل إذا كان هناك معطيات مسبقة تشير إلى إدخاله في دائرة التبيين لا مطلقاً، ولهذا لو قلت: إنّ زيداً من الناس يريد أن يبيّن كتاب القانون لابن سينا، فلا ينصرف من ذلك سوى البيان