58
مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيٰاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتٰابَ وَالْحِكْمَةَ» 1كيف كان يعلمهم ما لا يحسن. واللّٰه لقد كان رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يقرء ويكتب باثنين وسبعين أو بثلاثة وسبعين؛ وإنّه سُمّي الاُمّي لأنّه كان من أهل مكة ومكة من اُمّهات القرى وذلك قول اللّٰه عز وجل: «لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرىٰ وَمَنْ حَوْلَهٰا» 2.
وهذه الرواية معتبرة سنداً ورجالها من أجلاء الفقهاء، وإسنادها عال قريب إلى المعصوم زماناً، قليل الواسطة، وحصول القطع بسببها ليس جزافاً ودلالتها على المدعى واضحة.
هذا مع أن الرواية - لولا صحتها - تشتمل على خصوصية تمنع من الالتزام بكون النبي صلى الله عليه و آله أمّياً أبجدياً، وذلك لكون العمدة في إثبات الأمية الأبجدية له صلى الله عليه و آله هو ورود وصف الأمّية له في الكتاب والسير، فإذا احتمل كون الوصف باعتبار غير الأبجدية سقط الاستدلال بذلك لإثبات الأمّية من حيث الأبجديّة، وهذه الرواية لو لم تُثبت بوجه قاطع ذلك فلا أقل من فتحها باب الاحتمال.
وهناك رواية أخرى قريبة من هذه الرواية لا يبعد اتحادهما، رواها الصدوق فيالعلل؛ متنها: عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: إن الناس يزعمون انّ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله لم يكتب ولا يقرء. قال: «كذبوا لعنهم اللّٰه أنّى يكون ذلك وقد قال اللّٰه عز وجل: «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي اْلأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيٰاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتٰابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كٰانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاٰلٍ مُبِينٍ» 3فكيف يعلمهم الكتاب والحكمة وليس يحسن أن يقرء الكتاب؟ !» قال: قلت: فلِمَ سُمّي بالاُمّي؟ قال: «نسبة إلى مكة وذلك قوله تعالى: «لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرىٰ وَمَنْ حَوْلَهٰا» فقيل: اُمّي، لذلك» 4.
وربما يشكل صحّة الروايتين من حيث المتن بجهات: