26عصر، ليثق الناس بعدم كون المعاجز من شؤون علومهم ولا هي من نتائج فنونهم. ولا يشق عليهم معرفة ذلك ولا يصعب على من له الأهليّة الوقوف عليه فيرتابون.
الوجه الرابع: إن الأنبياء وأصحاب المعاجز كانوا - باعتراف معاصريهم - اُمناء في قومهم صلحاء في بلادهم صادقين في مقالهم معروفين بالصلاح والسداد، وهذا ما يوجب الوثوق بصدقهم في دعواهم وفي فعل الإعجاز. وقد استند الأنبياء في دعوتهم الأمم - حسب ما يحكيه القرآن الكريم - إلى هذه الجهة - أعني وثاقتهم وأمانتهم - فكان الرسول يدعو الناس إلى قبول رسالته لكونه أميناً وثقة. وهذا استناد إلى مبنى عقلائي مقبول لديهم، وممّا يؤكد أنّهم اعتمدوا على مبنى عرفي وعقلائي أنّهم ضمّوا إلٰى ذلك ما يدفع التهمة عنهم، وذلك هو عدم مطالبتهم بأجرة على عملهم فلا ينتفعون بقبول دعوتهم بل ينتفع الناس بالإجابة؛
فإنّ هذه الوجوه تبعث على الوثوق بصدق الإعجاز ومدّعيه والاطمئنان بذلك.
وقد استدللنا بهذه الآيات في مباحث اُصول الفقه على حجيّة أخبار الثقات.
وقد ورد في بعض النصوص حجّية خبر المدّعي الثقة إذا لم يعارضه حجّة اُخرى.
وكيف كان فالآيات التي أشرنا إليها عدة نكتفي بذكر بعضها:
قال تعالى: «وَ إِلىٰ عٰادٍ أَخٰاهُمْ هُوداً قٰالَ يٰا قَوْمِ اعْبُدُوا اللّٰهَ. . . أُبَلِّغُكُمْ رِسٰالاٰتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نٰاصِحٌ أَمِينٌ» 1.
وقال تعالى: «كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قٰالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلاٰ تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللّٰهَ وَأَطِيعُونِ وَمٰا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاّٰ عَلىٰ رَبِّ الْعٰالَمِينَ» 2.
وقال تعالى: «كَذَّبَتْ عٰادٌ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قٰالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلاٰ تَتَّقُونَ إِنِّي