18قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم. ثم قال:
«لا تثريب عليكم اليوم. اذهبوا فأنتم الطلقاء» .
وهم يسمعون وينظرون إليه، ويستشعرون بما يقول ويأمر ويعطيهم أمانهم وسلامهم وحياتهم. .
وهناك أمثلة عديدة على ما كان رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يبذله لانتشال تلك الأمة من آثار الجاهلية وسيئات أخلاقها وموبقات أعمالها وينقلها إلى عالم حب وتآلف ومودة. .
الأذان الذي كان يعدّ عملاً عظيماً ويدعو للاحترام والتقدير. . لقد أعطي هذا الشرف لمن؟ إنه لبلال العبد الحبشي دون غيره من المسلمين حتى تلغى تلك الفوارق المدمرة، لقد أمره النبي صلى الله عليه و آله في عمرة القضاء أن ينادي للصلاة، فوقف هذا العبد الحبشي ذو البشرة السوداء والشفتين الغليظتين على سطح الكعبة المشرفة أكثر الأماكن عراقةً وقداسة وفضيلة، وما إن رأوا بلالاً يصدح بالأذان حتى صرخ عكرمة بن أبيجهل أحد العرب المستكبرين المشركين بصوت عال متألماً:
لقد أكرم اللّٰه أبا الحكم حيث لم يسمع هذا العبد يقول ما يقول. فيما قال مشرك آخر:
الحمد للّٰهالذي أمات أبي ولم يشهد هذا اليوم حين يقوم بلال بن أمبلال ينهق فوق الكعبة. وآخرون لما سمعوه غطوا وجوههم عنفةً وكبرياء وسخرية منه. .
إنها رائحة الكبرياء والعنصرية والهوى تفوح منهم، وقد عزم رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وقرآنه المجيد على استئصالها:
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّٰه أَتْقَاكُمْ» 1.
لقد راح صلى الله عليه و آله يواكب الناس حتى بعد إسلامهم ويسددهم ويقومهم ويقتلع ما فيهم من آثار تلك الجاهلية وما تركته في نفوسهم، والإنسان ابن بيئته، ليبدلها