17وأخرجوهم بقسوة حتى حينما لجأوا إلى يثرب.
وإذا ما اطلعنا على بعض ما تعرض له المسلمون الأوائل سنجد المعاملة الوحشية للرجال والنساء الأبرياء؛ فقد مزقوا بقسوة سميّة تلك المرأة البريئة كل ممزق، بالطعن في موضع العفة بالحراب. أما زوجها ياسر فقد شدوا ساقيه إلى ناقتين وسيقتا في اتجاهين متعاكسين. . وبلال هو الآخر عرضوه لأبشع صور العذاب على رمضاء مكة الملتهبة. . وهكذا خباب بن الأرت الذي جعلوه على سرير من الجمرات المحترقة وظلّ الطغاة عديمو الرحمة يركلونه بأرجلهم وجثموا بوحشية فوق صدره لينصهر الشحم تحت جلده.
وهكذا غيرهم حاصروهم وضيّقوا عليهم وعذبوهم بطرق وحشية ومثلوا بأجسادهم وانتهكوا حرمتهم. . . هذا إضافة إلى ما شنّوه من ملاحقات وحروب ضدهم بعد هجرتهم وتركهم بلدتهم مكة، وكان منها: بدر، وأحد، والخندق. . .
إذن كان يحقّ له أن يثأر منهم، حينما تمكن منهم بعد فتح مكة، لما أنزلوه به وبأصحابه وبالمؤمنين به، لكنه عفا عنهم وحتى عن أولئك الذين قتلوا عمّه حمزة وانتهكوا حرمة جسده ومثلوا به فشقوه ولاكوا جزءاً من كبده. أيّ معاملة قابلهم بها! إنها معاملة قلب يفيض بفطرة حب ورحمة لا مثيل لها وهو يردد:
«يا معشر قريش! ويا أهل مكة! ما ترون أني فاعل بكم؟»