156عليهم له، ولولا اتصافه بها لما تمكّن من تأثير دعوته عليهم وخاصة في أيامها الأولى في مكة.
وقد أشار اللّٰه سبحانه وتعالى إلى تأثير اتصافه صلى الله عليه و آله بالأخلاق الفاضلة على أصحابه بقوله تعالى:
« فَبَِما رَحْمَةٍ مِن اللّٰه لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ» 1.
وكما أن الأخلاق الفاضلة لها تأثير كبير على الأصحاب، كذلك أيضاً لها تأثير كبير على الأعداء، كما يدل عليه قوله تعالى:
«وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ» 2.
وقد شهد اللّٰه سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه و آله بالخلق العظيم بقوله:
« وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» 3.
وعن علي عليه السلام قال: سمعت النبي صلى الله عليه و آله يقول: بعثت بمكارم الأخلاق ومحاسنها.
والإمام علي عليه السلام يتحدث عن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ويصفه كما في نهج البلاغة:
كان أجود الناس كفاً، وأجرأ الناس صدراً، وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشيرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفةً أحبه، لم أر قبله ولا بعده مثله.
وقال عنه أيضاً: «فأعرضَ عن الدنيا بقَلبه، وأمات ذكرَها عن نفسه، وأحبَّ أن تغيب زينتها عن عينيه لكيلا يتخذ منها ريشاً، ولا يعتقدها قراراً، ولا يرجو فيها مقاماً، فأخرجها من النفس وأشخصها عن القلب وغيّبها عن البصر. وكذلك