155فعرفت أنّه لم يكن ليدع الكذب على الناس ثم يذهب ويكذب على اللّٰه» 1.
تلك شهادة المؤمنين والخصوم، تنطق صريحةً في أنّ الرسول صلى الله عليه و آله لم يكذب أبداً قبل البعثة، بل كان صادقاً دائماً.
والصدق أساس الفضائل الأخلاقية وعنوان الإنسانية الكريمة، وقد انطبعت شخصية رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بها بفضل من اللّٰه تعالى ورحمة. وهكذا بقية الصفات الأخلاقية ومنها الأمانة.
وخير ما يدلّ على ذلك قصة وضع الحجر الأسود في مكانه من الكعبة أثناء تجديد بنائها، حينما اختلفت قريش في ذلك حيث أتفقوا على تحكيم أول رجل يدخل من الباب فدخل رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وكانوا يسمّونه في الجاهلية الأمين، فقالوا:
«قد دخل الأمين، فقالوا: يا محمد! رضينا بك» 2.
وهذه شهادة صدرت من مجموع المشركين وإن لم يكن بينه وبينهم عداوة حين نطقوا بذلك القول؛ لأنّ ذلك كان قبل البعثة، إلا أنّها تشهد على اتصافه صلى الله عليه و آله بالأمانة حتى أصبحت لقباً له.
وعلى هذا نجزم أن الرسول صلى الله عليه و آله كان متصفاً بصفات فاضلة وأخلاق حميدة قبل البعثة اعترف بها أعداؤه وآمن بها أصحابه مع شيوع الظلم والعدوان وسوء الأخلاق في المجتمع المكي يومذاك. وذلك بفضل اللّٰه وعنايته ورعايته.
أخلاقه بعد البعثة
وأمّا بعد البعثة فقد كان خُلُقه صلى الله عليه و آله القرآن كما ورد في حديث عائشة أم المؤمنين حيث قالت: «. . . فإن خلق نبي اللّٰه صلى الله عليه و آله كان القرآن» .
وهذه الأخلاق الكريمة كانت سبباً في تقريب قلوب أصحابه رضوان اللّٰه