150وعلى هذا فكان اشتراكه صلى الله عليه و آله في ذلك الحلف شيئاً مهماً جداً، لأنّ ردّ المظالم إلى أهلها من الأمور المحببة وقد جاء بها الإسلام فيما بعد؛ ولهذا أثنى الرسول صلى الله عليه و آله كما نسب إليه، على ذلك الحلف بعد البعثة:
«لقد شهدت في دار عبد اللّٰه بن جُدعان حلفاً ما أحب لي به حمر النعم ولو دعيت إليه في الإسلام لأجبت» 1.
2 - حرب الفجار:
اشترك رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله مع قومه في حرب الفِجار التي وقعت بين قريش ومن معها من كنانة وبين قيس عيلان، وكان عمره صلى الله عليه و آله عشرين سنة كما ذكر ابن إسحاق صاحب السيرة. .
وسببها كما ذكر ابن هشام في سيرته: أنّ عروة الرحال بن عتبة من هوازن أجار لطيمة 2للنعمان بن المنذر فقال له البراض بن قيس أحد بني ضمرة: أتجيرها في كنانة؟ قال: نعم وعلى الخلق، فخرج فيها عروة الرحال وخرج البراض لطلب غفلته، حتى إذا كان بتيمن ذي طلال بالعالية غفل عروة فوثب عليه البراض، فقتله في الشهر الحرام؛ فلذلك سمي حرب الفجار.
وكان دوره صلى الله عليه و آله في تلك الحرب أن يردّ على أعمامه نبل عدوهم إذا رموهم بها؛ وقد نسب إليه أنه قال: «كنت أنبل على أعمامي» 3.
وكان هناك مبرر لاشتراكه، وهو أنّ القتال لم يكن جائزاً في الأشهر الحرم يومذاك، حتى أنّهم إذا أرادوا القتال في الأشهر الحرم أخّروها إلى شهرٍ آخر لكي يستحلوا فيها القتال، كما بينها اللّٰه سبحانه وتعالى في القرآن معيباً عليهم:
« إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّٰه» 4.