148الوضع المكي القدرة على مجابهة الأحداث» 1.
والآن لا بد لنا من التحدث عما يتوفر عليه صلى الله عليه و آله من شمائل وصفات انبهر بها مناوئوه قبل أحبائه وأعداؤه قبل أصدقائه، وقد جعلت منه نموذجاً ربانياً رائعاً:
صفاته وأخلاقه
نشأ الرسول صلى الله عليه و آله في محيط جاهلي وبيئة وثنية تعبد فيها الأصنام والأوثان، ويستعبد القوي منهم الضعيف حتى أصبح الظلم أمراً مألوفاً وشيئاً معروفاً، وهو ما تحمله قصائدهم كقول زهير بن أبي سلمى في الصفحة 88 من ديوانه:
ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه
يهدم ومن لا يظلم الناس يُظلم
هذا إضافة إلى عاداتهم الفاسدة وسلوكهم السيء كوأدهم البنات خوفاً من العار والفقر، وأكلهم أموال اليتامى بحجة أنهم ضعفاء لا قدرة لديهم على حمل السلاح والدفاع عن الأهل والعشيرة، وأكلهم الربا واستحلاله حتى اختلط عندهم البيع والربا ولا يفرقون بينهما «إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا» 2.
وهذا الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب رضى الله عنه يصف بدقة للنجاشي ملك الحبشة أثناء الهجرة الثانية إلى الحبشة المجتمعَ المكي آنذاك فيقول:
«أيها الملك! كنّا أهل جاهلية، نعبد الأصنام ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسبي الجوار، ويأكل القوي منّا الضعيف، حتى بعث اللّٰه إلينا رسولاً منّا نعرف نسبه وأمانته وعفافه، فدعا إلى توحيد اللّٰه وأن لا نشرك به شيئاً، ونخلع ما كنّا نعبد من الأصنام، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة، وصلة الرحم وحسن الجوار والكفّ عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل أموال اليتيم. . .» 3.