162والمحققين ، فكثرت الكتب والمجلات والبحوث والمقالات ، وأقيمت المؤتمرات والأنشطة الأخرى حولهما ، حتى حظيت كل منهما(مكة المكرمة والمدينة المنورة) بما لم تحظ به أيّ مدينة أخرى في العالم .
وقبل أن نتحدّث عن تلك الصفحات التاريخية ، عن مدينة رسولاللّٰه صلى الله عليه و آله نقف قليلاً عند اشتغال مؤرّخي المسلمين بهاتين المدينتين المقدستين ، وبما تضمانه من الكعبة المباركة ، والضريح المبارك لرسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ، اللذين صارا الباعث الحقيقي لكتاباتهم ، وبحوثهم ، وأنشطتهم ، إذ لولاهما لماكان كلّ ذلك وغيره ، حتى نالت دراسة هاتين المدينتين المنزلة الكبرى في دراسة تاريخ المدن الإسلامية ، وغدت دراساتهم معالجات دينية ، و تاريخية ، وجغرافية ، واجتماعية ، وسياسية ، واقتصادية رائعة ، لواقع تلك المدن ولشعوبها ، وجميع مفاصل حياتها . . .
نعم قد تكون بعض تلك الدراسات لم تأت بشيء ذيبال ، إلا أن الحال مختلف جداً فيما تناولته بالنسبة لهاتين المدينتين مكة والمدينة ، اللتين هما محل كلامنا دون غيرهما من المدن ، موضحةً ما يتصل بهما دينياً و سياسياً واجتماعياً . .
وما ظهر فيها من شخصيات دينية ، وعلماء نحو ولغة ، وقرّاء ، ومفسرين ، ومحدثين ، وفقهاء ، ومتكلمين ، وشعراء ، وأدباء ، سواء أكانوا من الصحابة أو التابعين .
إن تاريخ هاتين المدينتين بدأ قبل بداية القرن الثالث الهجري ، بل ظهر بعضها في أوائل القرن الثاني أو قبله:
كتاريخ مكة ، للحسن البصري ، الذي توفي سنة 110 هجرية ، وفي مكتبة تيمور ، بدار الكتب المصرية نسخة منه .
وتاريخ المدينة لابن زبالة ، الذي كان حياً سنة 199 هجرية .
ثم تاريخ مكة للأزرقي المتوفى سنة 244 هجرية ، فتاريخ المدينة لابن شبة ، الذي عاش بين 173 - 262 هجرية .