141
مدينة جدة
وجدّة مدينة مسوّرة ،لها ثلاثة أبواب ، وفيها قناصل الدول ، ولا يؤذن لغير المسلمين في الخروج خارج السور ، ويوجد فيها كثير من السودان الغُبر الألوان ، وما فيها إلا الجائع العريان ، وأسعارها غالية ، وماؤها أجاج منتن ، يتجرّعه الشارب ولا يكاد يسيغه ، والسقاء الصغير منه بقرش واحد صحيح ، ولكن ظهر لنا بعد ذلك أن فيها ماء حلواً في الصهاريج من ماء المطر لم نعلم به .
الخروج من جدّة
وعن الذهاب من جدّة إلى مكة قال رحمه اللّٰه: وكانت أجرة البعير من جدّة إلى مكة تسع مجيديات وربعاً وغرشين صحيحين ، ولكن لا يصل إلى الجمّال منها إلا اليسير ، والباقي يأخذه المخرج باسم الحكومة ؛ وقطع الأجرة بأمر من الحاكم ، وكل جمّال يأخذ كوشاناً بعدد ما معه من الأباعر ، بعد دفع الرسم المفروض عليه ، والذي ليس معه كوشان لا يدعونه يدخل مكّة حتى يؤخذ منه الرسم ، والذي يركب مع الأعراب خارج جدّة يأخذون منه نصف هذه الأجرة أو ثلثها ، وهم يصيحون في الطريق : يارويجب ، يارويجب . وعند الخروج من باب جدّة أخذوا عن كل بعير غرشين صحيحين ، وبسبب الوقوف بالباب ، سرقت أمتعة لكثير من الحجاج ، وأكثر سرّاقها أفراد العساكر النظاميّة الموضوعين لحفظ الأمن ؛ وسُرق لنا إبريق نحاس .
وسرنا من جدّة إلى بحرة فوصلناها بعد الغروب ؛ وأدركتنا صلاة الظهرين في الطريق ، لأننا خرجنا من جدّة قبل الظهر ، فنزلت أنا وزميلي من الخشب 1وتوضئنا أولاً ، ثم سرنا قليلاً وصلّينا الظهر ، ثم سرنا كذلك وصلّينا العصر ؛ لأنّه لا يمكن الانقطاع عن القافلة لحظةً من خوف الطريق ، مع أن العساكر النظاميّة