12يقابله سيكون تكوينياً أيضاً .
ويستفاد جيداً من الآيات المذكورة المرتبطة بعصر الجاهلية أن خطر الهجمات والغارات والخطف وقطع الطرق كان قائماً خارج نطاق الحرم ، أمّا في الحرم فلم يكن كذلك ، فحكم الأمن تشريعاً إنما جاء بعد الإسلام ، والقرآن الكريم عندما يذكر الأمن في الحرم في العصر الجاهلي إلى زمان الإسلام وإلى ما بعده أيضاً فإنما يقدّم ذلك شاهداً ومستنداً له .
يقول الإمام الصادق عليه السلام حول أمن الحرم:«من دخل الحرم من الناس مستجيراً به فهو آمن ، ومن دخل البيت مستجيراً به من المذنبين فهو آمن من سخط اللّٰه ، ومن دخل الحرم من الوحش والسباع والطير فهو آمنٌ من أن يُهاج أو يؤذى حتى يخرج من الحرم» 1.
ولابدّ من الالتفات إلى أن الإعلان عن أمن الحرم المكي لا يعني حرية أي إنسان في أن يقوم بما يشاء فيه ، ذلك أنّ اللّٰه تعالى يحدّثنا عن أناسٍ كانوا يعيشون بأمنٍ في بلادهم غير أنّ اللّٰه أغرقهم بالخوف والجوع والاضطراب إثر كفرهم بنعمه ، قال تعالى: «وَ ضَرَبَ اللّٰهُ مَثَلاً قَرْيَةً كٰانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهٰا رِزْقُهٰا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكٰانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّٰهِ فَأَذٰاقَهَا اللّٰهُ لِبٰاسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِمٰا كٰانُوا يَصْنَعُونَ » 2.
وعليه ، فالأمن التكويني للحرم لا يعني أنّه لا تقع فيه مذابح ومظاهر قتل ، بل بمعنىٰ أنّ اللّٰه سبحانه جعل هذه الأرض - علىٰ أساسٍ من لطفه - مأمناً ، أمّا لو ضلّ الناس فيها سبيلهم ، فإن اللّٰه ينزل عليهم العذاب .
ومن خصائص مكّة أنّه لا يمكن لحكم ظالم جائر أن يدوم عليها لسنين