269ولهذا اعترف بعض علماء اللغات السامية بقدم اللغة العربية ، وبأنها أكثر اللغات السامية استحقاقاً لكي تكون أصلاً لبقية اللغات السامية وأمّاً لها 1 ، مستندين في ذلك إلى دليل تاريخي لغوي ، فمن الناحية التاريخية تكوّنت كل الشعوب السامية أصلاً من هجرات عربية خرجت من شبه الجزيرة العربية متجهة إلى مناطق الوديان في الشرق الأدنى القديم ، مكونةً لمجموعة شعوب عربية 2 ، تحدثت في البداية بلهجات عربية تطورت إلى لغات مستقلة عن الأصل العربي وهي اللغات الآرامية والعبرية والأكدية والحبشية ، ولنا الحق في تسمية هذه اللغات بأسرة اللغات العربية ، بدلاً من التسمية الاستشراقية «أسرة اللغات السامية» 3 . ومن الناحية اللغوية تشترك هذه اللغات مع اللغة العربية في نحوها ، وصرفها ، ودلالاتها المعجمية ، وأصواتها ، ومفرداتها ، الأمر الذي يؤكد على عودة هذه اللغات إلى أصل واحد هو الأصل العربي .
وفي دراسة الاسمين : مكة وبكة ، سنبدأ بالبحث عن دلالات جذور هاتين التسميتين في المعاجم العربية المختلفة ، ثم نبحث عن دلالات جذورهما في معاجم اللغات السامية المختلفة ، ونقارن حصيلة هذه الدلالات في اللغات السامية الأساسية وهي : الأكدية ، والآرامية ، والعبرية ، والحبشية ، والعربية الجنوبية ، والسريانية ، ونقابلها بالدلالات الموجودة في المعاجم العربية للوصول إلى تحديد دقيق لمعاني التسميتين : مكة وبكة .