26إنّ القيام لتطهير الكعبة وتخليصها من يد الأشرار شريعة إبراهيمية ، لا يصرف النظر عنها سوى فاقد العقل ، «وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرٰاهِيمَ إِلاّٰ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ » 1 .
وحيث كان رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ومن اتبعه وآمن به أولى الناس بإبراهيم ، وهو الذي طهّر الكعبة من ألوان اللوث والنجاسة والخسّة و . . . 2 فعلى الأمة الإسلامية اليوم أن تطهّر بيت اللّٰه سبحانه من مختلف القبائح والدنائس والنجاسات .
نعم ، ليس المقصود مجرّد إبعاد الجسم المادي للمشرك حتى يُقال : لا مشرك في الحجاز اليوم كي يحصل التبرّي منه في موسم الحج ! بل المراد من البراءة إعلان الرفض والتنديد والانزجار من كل فكر مشوب بالشرك ، وكلّ تمدّن باطل لأولئك الذين تأثروا بهذا الشرك ، وكل استعمار ظالم للملحدين ، وكل استثمار طاغ للماديين ، وكل استعباد قاسٍ مجحف للمستكبرين ، وكلّ استعمار سامريّ 3للإسرئيليين ، وكل استضعاف ماكر للدول العظمى .
والحج أهم الأمكنة التي يتجلّى فيها هذا الأمر ، وقمم هذه النهضة ، حيث يلزم على المسلمين فيه حفظ حرمة اللّٰه تعالى ، والسعي لرفع عزة الحقّ عالياً ، والتقوّي بقوّته ، وأخذ المدد والعون منه ، والتخلّق بالأخلاق الإلهية ، حتى لا يصيروا موضعاً لظلم الظالمين وبطشهم ، فالحج هجرة إلى اللّٰه تعالى ، يقصده الناس لأداء مناسكه من مختلف نقاط الدنيا .