108الحجر الذي فيه أثر قدميه - وهو المقام - فوضعه بحذاء البيت لاصقاً بالبيت بحيال الموضع الذي هو فيه اليوم، ثم قام عليه فنادى بأعلى صوته بما أمره اللّٰه عز وجل به فلمّا تكلّم بالكلام لم يحتمله الحجر فغرقت رجلاه فيه فقلع إبراهيم عليه السلام رجليه من الحجر قلعاً . فلمّا كثر الناس وصاروا إلى الشرّ والبلاء ازدحموا عليه فرأوا أن يضعوه في هذا الموضع الّذي هو فيه اليوم ليخلوا المطاف لمن يطوف بالبيت فلمّا بعث اللّٰه عز وجل محمّداً صلى الله عليه و آله ردّه إلى الموضع الّذي وضعه فيه إبراهيم، فما زال فيه حتّى قبض رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وفي زمن أبي بكر وأوّل ولاية عمر ، ثم قال عمر : قد ازدحم الناس على هذا المقام فأيكم يعرف موضعه في الجاهليّة؟ فقال له رجل : أنا أخذت قدره بقدر ، قال : والقدر عندك؟ قال : نعم؛ قال : فائت به؛ فجاء به؛ فأمر بالمقام فحمل وردّ إلى الموضع الذي هو فيه الساعة 1 .
3- وفي رواية أبي بصير عن الباقر عليه السلام :
كان المقام في موضعه الذي هو فيه اليوم فلمّا لقي رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله مكّة رأى أن يحوّله من موضعه، فحوّله فوضعه ما بين الركن والباب وكان على ذلك حياة رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وإمارة أبي بكر وبعض إمارة عمر؛ ثم إن عمر حين كثر المسلمون قال : إنه يشغل الناس عن طوافهم . . . الحديث وفيه أن الرجل الذي كان عنده قدر موضع المقام هو المطّلب بن أبي وداعة السهمي 2 .
وكان موضع المقام الذي وضعه إبراهيم عليه السلام عند جدار البيت
4- وقريب منه حديث آخر عن أبي القاسم الكوفي في كتاب الاستغاثة، إلّا أن فيه أنّ الرجل الذي عين موضع المقام في الجاهلية هو المغيرة بن شعبة . وفيه :
فردّ عمر المقام إلى الموضع الذي كان في الجاهليّة فهو إلى اليوم هناك، وموضعه الذي وضعه رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله فيه معروف لا يختلفون في ذلك 3 .
5- في زيارة الجامعة لأئمة المؤمنين فيعداد المطاعن والبدع بعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله :
وعقت سلمانها وطردت مقدادها ونفت جندبها وفتقت بطن عمّا رها وحرّفت القرآن وبدّلت الأحكام وغيرت المقام وأباحت الخمس للطلقاء وسلّطت أولاد اللعناء على الفروج والدماء وهدمت الكعبة وأغارت على دار الهجرة يوم الحرّة . . .
6- في بعض الروايات أن المهدي عليه السلام إذا ظهر ردّ المقام إلى موضعه الأصلي؛ فعن أبي بصير قال أبو عبداللّٰه عليه السلام : إذا قام القائم هدم المسجد الحرام حتّى يردّه إلى أساسه؛ وحوّل المقام إلى الموضع الذي كان فيه . . . الحديث 4 .
وقد تقدم عن والد شيخنا المجلسي قدس سره أنّه : روي في أخبار كثيرة أن صاحب الأمر صلوات اللّٰه عليه حين يخرج يجعله في المكان الذي وضعه رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وقبله إبراهيم عليه السلام 5.
وعلى أساس الروايات المتقدّمة لا يتعين الموضع الفعلي للمقام؛ ولئن كان هناك موضع يحتمل تعين كون المقام فيه فهو موضعه على عهد إبراهيم عليه السلام والنّبي صلى الله عليه و آله 6.
ثم إنا لم نعثر في موضوع ردّ المهدي عليه السلام للمقام إلى موضعه الأصلي على رواية سوى رواية أبي بصير المتقدّمة والتي رواها الشيخ المفيد قدس سره في الإرشاد .
والظاهر أن من عداه روى نفس هذه الرواية؛ فقد رواها الطبرسي في إعلام الورىٰ، والأربلي في كشف الغمّة، والنيسابوري في روضة الواعظين والشيخ الطوسي في الغيبة 7 .