93أمر العلم دائر بين الوجود والعدم ؛ ولا يعقل أن يشك إنسان في كونه عالماً وعدمه ؛ بل شكّه يلازم جزمه بعدم علمه .
نعم يعقل الشك في الوضع عند الآخرين ولو السابقين ؛ ولكن الأصل يقتضي وحدة الوضع في الزمانين ؛ لأصالة عدم النقل .
كما يعقل الشك في الوضع عند الآخرين المعاصرين مع عدم كون الشاك من أهل لغتهم .
وفي كلا الفرضين لا بد من الفحص ؛ لرجوع الشك في المفهوم إلى الشبهة في الحكم ؛ والرجوع إلى الاُصول اللفظيّة كالعموم والإطلاق والأصول العمليّة في الشبهات الحكميّة إنما يكون بعد الفحص .
ثم إن استقر الشك في الوضع والمفهوم ، ولم يكن هناك أصل يحدد المعنى والمفهوم - ولو أصالة عدم النقل - كان المرجع الاُصول الحكميّة من احتياط أو براءة أو غيرهما .
ثم الظاهر أن مرجع الشك في المفهوم ، في موارد الشك في الامتثال ، إلى الشك في أصل التكليف ؛ لا في المحصّل الذي يجب الاحتياط فيه ؛ وذلك لرجوعه إلى الشك في الأقل والأكثر الارتباطيين لا محالة .
توضيح ذلك إن متعلق الأمر وما يباشره المكلّف في الخارج قد يكون من قبيل العنوان والمعنون ، وقد يكون من قبيل المسبب والسبب ، ولا ينبغي الخلط بينهما ؛ ولا عطف أحدهما على الآخر .
ففي مثل العنوان والمعنون يكون متعلق الأمر ما ينطبق عليه العنوان ؛ وهو واقع المعنون لا بما هو معنون ؛ فإن حيثيّة العنوان حيثيّة تعليليّة ، وقنطرة إلى ما يكون بالحمل الشايع مصداق العنوان ؛ فالأمر بالطواف أمر بالحركة الخارجية التي هي مصداق الطواف ؛ ولفظ الطواف مجرد وسيط في التعبير عن ذاك الواقع الخارجي ؛ فإذا لم يُدر أن الواقع الخارجي المطلوب باللفظ والتعبير ، مطلق أو مقيد