78ولو صحّت هذه الدعوى لأمكن دعوى نظيرها في مبدأ الإحرام ؛ وأنه لو أحرم على وجه يشك في صحة الإحرام واقعاً - للشك في صدق المفهوم وإن جاز الاكتفاء به في مقام الامتثال - ترتب على ذلك حرمة التروك ؛ ولا يجري أصل البراءة عن التروك ليعارض أصل البراءة عن الجزء والشرط المشكوك ؛ وذلك لكون المتفاهم من دليل حرمة محرّمات الإحرام ترتبها على فعل ما يجوز الاكتفاء به في مقام الامتثال وإن لم يحرز صحته أو صدق العنوان .
ثم ان هذا الذي ذكرناه من أن أصل البراءة لا يثبت عنوان صحة العمل لا يأتي فيما كان إثبات إجزاء العمل بمثل أصل الطهارة أو قاعدة لا تعاد ونحوهما .
أمّا أصل الطهارة فلأنه يثبت عنوان الصحة تعبّداً ؛ لأنه إثبات لجزء العمل أو شرطه تعبّداً ؛ وليس مجرد عدم وجوب الاحتياط ؛ بل لسانه لسان الحكومة على كل دليلٍ ربط فيه الحكم بالصحة بشيء . ومن قبيله قاعدة التجاوز والفراغ .
وأمّا قاعدة لا تعاد ، فلأن مفادها حكم واقعي بخلاف مثل الاُصول العمليّة ، فإن عدم وجوب إعادة الصلاة إذا كان الإخلال بغير الخمسة حكم واقعي سواء كان على أساس صحة العمل أو غيرها . فمن أخلّ بالقراءة في صلاة الطواف لا تجب عليه إعادة الصلاة واقعاً ؛ فما يترتب على الصلاة الصحيحة من الخروج عن الإحرام يترتب على الصلاة التي لا تجب إعادتها واقعاً على أساس قاعدة لا تعاد ؛ لعدم إمكان البقاء على الإحرام بعد عدم إمكان تدارك الفائت بالإعادة .
النقطة الثامنة: إن الرجوع إلى الأصل العملي من براءة أو غيرها في الشبهة المفهومية للامتثال إنما يكون حيث لا يكون هناك أصل لفظي يحدد الوظيفة بعد إجمال المفهوم في المورد الخاص ؛ نعم ليس هناك أصل لفظي عام لتحديد الوظيفة في موارد إجمال المفهوم يثبت إطلاق المفهوم وعدمه .
فلو شك في مفهوم البلد وصدقه في بعض المناطق المقاربة لبيوت البلد ، كالبساتين المتصلة بالسور أو البيوت ، وكان قاصد الإقامة عشراً بانياً على التردد