77المشكوك على تقدير اعتباره داخلاً في المأمور به لا مقوّماً للعنوان والمفهوم المفروض في الدليل فيحكم بالبراءة عنه ؛ ومع ذلك فالدليل المتضمن لارتفاع الأثر الإلزامي بفعل النسك يعم العمل الفاقد للمشكوك كما يعم الواجد له ؛ وبين ما إذا كان المشكوك على تقدير الاعتبار داخلاً في المفهوم والعنوان ؛ فإن أصل البراءة وإن كان يرخص في ترك المشكوك ولكن استصحاب بقاء الأثر الإلزامي المنوط بفعل العناوين والمفاهيم الخاصّة يقتضي بقاء الأثر ما لم يأت بالعمل على وجه الاحتياط ؛ بعدما كان الدليل المتضمن لزوال الأثر الإلزامي بفعل النسك قاصراً عن شموله ؛ لعدم إحراز صدق العنوان على تقدير الإتيان بالنسك فاقداً للمشكوك .
إلّا أن يقال: إن المتفاهم من الدليل الخاص المتضمن لإناطة زوال الأثر الإلزامي بفعل النسك هو إناطته بفعل ما يجوز الاكتفاء به في مقام العمل بالغض عن الأثر الإلزامي ؛ فإذا كان في الشبهة المفهومية يجوز الاكتفاء بالعمل فاقداً لما يحتمل دخله في المفهوم كما يأتي إن شاء اللّٰه ، فليس زوال الأثر منوطاً إلّا به ؛ لا بخصوص ما يحرز معه صدق العنوان .
فكما أن زوال الأثر لا ينوط بإحراز صحة النسك على تقدير إحراز صدق العنوان حسبما تقدم ، كذلك لا ينوط بإحراز صدق العنوان أيضاً ؛ فإن المتفاهم من هذا الدليل ليس أكثر من اعتبار فعل المناسك على وجه يجوز الاكتفاء به في مقام الامتثال ؛ لا أنه يعتبر إحراز صدق العنوان فضلاً عن اعتبار إحراز صدق الامتثال والصحة ؛ ولكن هذه الدعوى غير واضحة ؛ بعد ما لم يكن أصل البراءة مشرّعاً في خصوص هذا القسم من التكاليف المشتملة على أثر إلزامي غير الامتثال ليلزم من تطبيقه عليها بدون زوال الأثر الإلزامي على تقدير الفعل المطابق لأصل البراءة نحو من اللغويّة ؛ إذ يكون بقاء تحريم تروك الإحرام على تقدير فعل النسك على طبق البراءة مساوقاً عرفاً لعدم جريان البراءة ولزوم الاحتياط .