70مكة ؛ ففي المحلّات المشكوكة كما يشك في حرمة الصيد ، كذلك يشك في تحقق امتثال الأمر بالإحرام . وسيأتي لهذا مزيد تحقيق في النقطة الآتية إنشاء اللّٰه تعالى .
النقطة السادسة: إن الجهة المبحوثة في الشبهات المفهومية والتردد في البراءة أو الاحتياط إنما هي مع غض النظر عن العلم الإجمالي الذي ربما يتفق في بعض الشبهات المفهوميّة ؛ فإن وجوب الاحتياط في مثل ذلك أجنبي عمّا نحن بصدد التعرض له فعلاً .
مثال ذلك: إن الشك في اشتراط الإحرام بموضع خاص كمسجد الشجرة أو منطقة ذيالحليفة وكذا في وادي عقيق ، الشك في اشتراط الإحرام بأوّل هذا الميقات أو جواز تأخيره إلى آخره من جهة مكة ، وكذا أمثال ذلك هو من صغريات محلّ البحث ؛ من جهة كونه من مصاديق الشبهة المفهوميّة لامتثال الأمر بالإحرام ؛ ومع ذلك يمكن دعوى وجوب الاحتياط في أمثاله بصرف النظر عمّا تقتضيه القاعدة في الشبهات المفهوميّة للامتثال ؛ وذلك لأن من أحرم من غير الموضع المتيقّن حيث يشك في انعقاد إحرامه فينبغي الحكم بعدم انعقاد الإحرام من جهة حرمة تروك الإحرام ، وإن كان الإحرام من المحل المشكوك كافياً في سقوط الوظيفة من حيث امتثال نسك الحج والعمرة لولا العلم الاجمالي ؛ فلو صاد هذا المكلّف لم تجب عليه الكفّارة لعدم العلم بانعقاد الإحرام ؛ وأصالة البراءة من اشتراط الإحرام بعقده من مكان خاص لا يثبت انعقاد الإحرام بدونه ، فيعلم المكلّف حينئذٍ إجمالاً بوجوب الإحرام عليه من خصوص مثل مسجد الشجرة أو حرمة محرمات الإحرام لو عقده من غير المسجد ؛ وبتعبير آخر: من أحرم من غير المسجد يعلم إجمالاً بحرمة التروك عليه أو بوجوب تجديد الإحرام من المسجد .
ويمكن تصوير العلم الإجمالي على أساس أن المكلّف يعلم إجمالاً بحرمة تجاوز الميقات عليه ، وكذا دخول مكّة أو الحرم ، أو بحرمة تروك الإحرام عليه .
هذا كلّه بعيداً عن استصحاب عدم انعقاد الإحرام لو عقد من غير الموضع المتيقّن