65انتهى إلى البيداء عند الميل الأوّل فصف الناس . . . فلبى بالحجّ مفرداً وساق الهدي» 1 ، فقد بين الإمام إحرام النبي عليه السلام بالجملتين :
1 . عزم بالحجّ ، وفي بعض النسخ أحرم بالحجّ .
2 . فلبّى بالحجّ مفرداً .
وبما أنّ «العزم» يتعدى يقال : عزمت الأمر ، فلعل الصحيح هو الثاني ، أي أحرم بالحجّ ، أي دخل في الحجّ الذي هو من حرم اللّٰه ، فليس للإحرام واقعية سوى الدخول في واحدة من الحرمتين : العمرة والحج ، بطريق خاص وهو التلبية ، وبما أنّ النبي صلى الله عليه و آله لبّى في البيداء ، فيحمل قوله : «أحرم بالحجّ» على مجاز المشارفة .
هذا هو حقيقة الإحرام ، ومع ذلك يستحبّ معه أن يقول : أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي وعظامي ومخّي وعصبي من النساء والثياب والطيب 2 ، والجميع من أحكام الإحرام ولوازمه ، لا أنّها حقيقته .
المقام الثالث : كيفية تعلق النية بالإحرام
ذكر الفقهاء أن من واجبات الإحرام النية ، وفُسر بمعنى القصد إليه ، وعلى ضوء ما ذكرَ يكون الإحرام مقصوداً ، والقصد متوجهاً إليه ، فهل يصح ذلك على عامة النظريات في حقيقة الإحرام أو لا؟ وإليك دراسته .
أمّا على النظرية الأولى : فلو كان الإحرام أمراً مركباً من أمور ثلاثة ، أحدها النية والآخران : التلبية ولبس الثوبين ، فلا تتعلق به النية ، لأنّ أحد أجزائه ، هو النية ، فكيف تتعلق النية بها ، إلّا أن يقال : إنّه أمر بسيط يحصل من الأمور الثلاثة ، فتتعلق به النية ، وقد عرفت إشكاله .
وأمّا على الثانية : أي توطين النفس على ترك المنهيات ، فهو بالذات أمر قصدي فلا يقع متعلقاً للنية .