64
حُرُمٰاتِ اللّٰهِ . . .] والحرمات ما لا يحلّ انتهاكه ، واختار أكثر المفسرين في معنى الحرمات هنا : أنّها المناسك؛ لدلالة ما يتصل بها من الآيات على ذلك ، وقيل معناها : البيت الحرام ، والبلد الحرام ، والشهر الحرام ، والمسجد الحرام 1 .
واللفظ يدلّ على أنّ كلّ شيء له مكانة عند اللّٰه تجب رعايته ، فهو الحرمة ، من غير فرق بين الأعمال كالمناسك أو غيرها كالبيت ، والشهر ، والمسجد الحرام .
2 . وجود الفرق الواضح بين التحريم والإحرام ، كالفرق بين قوله «حرّم» و «أحرم» .
أمّا الأول ، فهو عبارة عن المنع عن الشيء ، كقوله سبحانه : [كُلُّ الطَّعٰامِ كٰانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرٰائِيلَ إِلاّٰ مٰا حَرَّمَ إِسْرٰائِيلُ عَلىٰ نَفْسِهِ ] آل عمران : 93 ، حيث حرّم يعقوب بعض الأطعمة على نفسه وفاءً للنذر 2 ، وأمّا الثاني ، أي أحرم ، فهو عبارة عن الدخول في شيء له منزلة وكرامة لا تهتك ، فيقال : أحرم : أي دخل الحرم ، أو دخل الشهر الحرام .
وعلى ضوء ذلك ، يكون معنى قوله أحرم : دخل في العمرة أو الحجّ اللذين من حرمات اللّٰه سبحانه ، وقد مرّ عن الفيومي أنّه فسر قوله : «أحرم» الشخص بنوى الدخول في حج أو عمرة ، ومثله ابن منظور في اللسان .
نعم ، لا يتحقق الدخول في العمرة أو الحجّ إلّا عن طريق خاص ، وهو التلبية ، فكأنها مفتاح الدخول في هذا العمل الذي هو من حرمات اللّٰه سبحانه .
وفي بعض الروايات ما يدل عليه ، نظير صحيحة معاوية بن عمار عن أبيعبداللّٰه عليه السلام - حيث وصف حجّ النبي في حديث مبسوط - قال : «فلما انتهى حتى أتى المسجد الذي عند الشجرة ، فصلّى فيه الظهر ، وعزم بالحجّ مفرداً وخرج حتى