285(المكان والزمان الإلهيين) هو الحاج الذي اغتسل بماء التوبة الخالصة ، فهو الذي يحول «فرضية» الفريضة إلى عبادة وتطبيق دقيق ، تتضمن عودة واعية شاملة لكل المكان . . مكان يخصّبه الحاج بإيقاعات التلبية وبلقطات الإحرام وبثقافة قصاص تشمل الحيوانات والنباتات . . هنا الحاج يغرس كل بقعة من المكان بأقحوانة الخلود ، طالما تزود بالزمزم وطالما حمل الكعبة في قلبه .
فمن عوالم القربىٰ ؛ أن الحاج يحمل الكعبة في قلبه ، تلك المهمة العظيمة التي تركها الإمام الخميني رضى الله عنه فرضيةً هي الأخرىٰ ليشيع مفهوم الانقطاع إلى بيت إلهي واحد لكل البشر . . . تركها فراغاً بين قوسين بانتظار مَنْ يفكك ويملئ وينقّط « . . .
بيت اللّٰه الحرام أول بيت بُني للناس . . . الذين يحملون بيوتهم على أكتافهم متساوون مع العاكفين في الكعبة» 1 .
«يحملون بيوتهم على أكتافهم» عبارة مثلىٰ تعني الانقطاع عن كل بيت مادي ، فيترشح مفهوم البيت الأعظم «الكعبة» ، إذ يتوجب حملها مرتين ، عند الذهاب وحين الإياب إلى الوطن/ الإقامة .
إن هذا التعاقب والتناوب في السكن يوضح لنا الغاية من الاستقرار على ظهر الكوكب . . . الاستقرار الذي يبدع الحضارة وينتج المدنية ويبلور التعامل السوي والالتزام بوحدة القرية الكبرىٰ ، ويؤخر الانسجام المشاعري ، ذلك الاستقرار الذي يتجوهر بالأمن والطمأنينة ، وهما أقصىٰ حالات الانشراح والبهجة في مجتمع السلام ، وغاية كل مقاطع الكفاح الإنساني النبيل : [وَ إِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثٰابَةً لِلنّٰاسِ وَ أَمْناً] 2 إن النية في هذا أيضاً غير قادرة . . لأنها ذات صورة أدائية محددة تعقبها أعمال ويلزم تجديدها عند كل منسك وبلفظ مختلف . . ولكن القربىٰ هي القادرة باعتبارها النسخ الخفي الموصل والضابط .