26وقوة عقلية ملكية .
ثم بعد هذا التقسيم ، يذهب إلى أن المقصود من جميع العبادات قهر القوى الثلاث : الشهوانية ، والغضبية ، والوهمية .
ثم أخذ بتفصيل الأمر حيث يقول :
فقوله : [فَلاٰ رَفَثَ] ، إشارة إلى قهر القوة الشهوانية .
وقوله [وَ لاٰ فُسُوقَ ] ، إشارة إلى قهر القوة الغضبية التي توجب التمرد والغضب .
وقوله : [وَ لاٰ جِدٰالَ ] إشارة إلى قهر القوة الوهمية التي تحمل الإنسان على الجدال في ذات اللّٰه وصفاته وأفعاله وأحكامه وأسمائه ، وهي الباعثة للإنسان على منازعة الناس ومماراتهم ، والمخاصمة معهم في كل شيء .
وبما أن سبب الشر محصور في هذه الأمور الثلاثة -كما يرى الرازي - فإنه يرتب النتائج قائلاً : فلا جرم قال تعالى : [فَلاٰ رَفَثَ وَ لاٰ فُسُوقَ وَ لاٰ جِدٰالَ فِي الْحَجِّ] ، أي فمن قصد معرفة اللّٰه ومحبته ، والاطلاع على نور جلاله ، والانخراط في سلك الخواص من عباده ، فلا يكون فيه هذه الأمور .
ثم يختم قوله بما خلص إليه وهو : إن هذه أسرار نفيسة هي المقصد الأقصى من هذه الآيات ، فلا ينبغي أن يكون العاقل غافلاً عنها . . . 1 .
وفي هذا المقطع من الآية جانب بلاغي يحمل ضرباً من النهي عجيب ، وذلك أن المنهي عنه يتوقف مقياسه - كما يقول صاحب إعراب القرآن الكريم - على حسب موقفه ، بحيث يعتبر غير مستحق للنهي فيما لو وقع في غير ذلك الموقع ، وتخصيص الحج بالنهي عن الرفث والفسوق والجدال فيه يشعر بأن هذه الأعمال في غير الحج ، وان كانت منهياً عنها وقبيحةً ، إلّا أن ذلك القبح الثابت لها في غير الحج كلا قبح بالنسبة لوقوعها في الحج ، فاجتنابها متحتم على كل حال ، ولكن اجتنابها